وأشار الخولي في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، إلى أنّ الحكومة السورية تسعى إلى فرض جدول أولويات يخدم مصالحها الداخلية، من خلال محاولة تحقيق إنجاز سياسي يتمثل بالإفراج عن عدد من الموقوفين وتسويقه كـ"نصر" أمام جمهورها.
في المقابل، تبقى الكارثة الحقيقية وجود نحو مليوني نازح سوري في لبنان، يعيش 95% منهم تحت خط الفقر وفي ظروف إنسانية صعبة وأقرب إلى المأساة. وأوضح أنّ معظم هؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية مثل السكن اللائق والرعاية الصحية والتعليم، ما يجعل حياتهم اليومية معاناة مستمرة، ويزيد من الضغط على البنية التحتية اللبنانية الهشة أصلاً.
تماهي السلطات اللبنانية وخطر تجزئة الملفات
وأضاف الخولي، أنّ الأخطر من ذلك هو تماهي السلطات اللبنانية مع هذه المقاربة، إذ يسمح بتجزئة الملفات على حساب المصلحة الوطنية، ما يُحوّل النزاع السوري في لبنان إلى أداة سياسية تُضعف الدولة اللبنانية وتحدّ من قدرتها على حماية حدودها ومصالحها.
وأكد أن هذا الأسلوب يفاقم الأزمة بدل مواجهتها، ويحوّل لبنان إلى طرف ضعيف في معادلة تمسّ بسيادته واستقراره، ويضع البلاد أمام تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية مركبة.
الموقوفون السوريون: غطاء سياسي أم أولوية حقيقية؟
وأشار الخولي إلى أنّ طرح ملف الموقوفين، مهما بلغت أهميته، لا يمكن أن يكون بديلًا عن معالجة أزمة النزوح، بل يشكّل غطاءً سياسيًا للنظام السوري لإظهار قوته داخليًا. أي إنجاز من هذا النوع يبقى بلا قيمة فعلية ما لم يبدأ بمسار عودة السوريين من لبنان والشتات بشكل منظم وضمن خطة وطنية شاملة، تحمي حقوق جميع الأطراف، وتراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بما يضمن استقرار لبنان وأمنه ومصالحه الوطنية.
العودة الطوعية وفشل الخطط السابقة
ولفت إلى أن التجارب السابقة أثبتت فشل الخطط المعلنة، مستشهدًا بعمليات "العودة الطوعية" التي اقتصرت على أعداد محدودة جدًا رغم الضجة الإعلامية، ما يجعل هذه الإجراءات مسرحيات سياسية لا أكثر.
وتابع، هذه الإجراءات لم تُحدث أي أثر ملموس على الواقع الإنساني والاجتماعي للنازحين أو على ضغط الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على لبنان، بل ساهمت في استمرار أزمة الخدمات والتوترات المجتمعية.
البعد الأمني وأخطار المجهولين
كما حذّر الخولي من تجاهل البعد الأمني المتصل بالنزوح، مشيرًا إلى أنّ حركة غير شرعية لعشرات الآلاف من الأشخاص مجهولي الهوية ترتبط مباشرة بارتفاع معدلات الجرائم والتوترات الأمنية، ما يضاعف المخاطر على المجتمع اللبناني ويؤثر على الاستقرار المحلي.
وأوضح أنّ أي إغفال لهذا البعد يزيد من احتمالات وقوع صدامات محلية، ويهدد قدرة الدولة على ضبط الأمن في المناطق الأكثر تواجدًا للنازحين، خصوصًا في ظل انعدام مراقبة فعالة وغياب قاعدة بيانات موثوقة عنهم.
ضرورة وضع عودة النازحين على رأس الأولويات
وختم الخولي بالتأكيد على أنّ الملف لا يحتمل المزيد من المماطلة، وأنه يجب أن توضع عودة النازحين كأولوية مطلقة على أي طاولة حوار أو مفاوضات، باعتبارها القضية الوطنية الأولى اليوم. وأكد أنّ لا سيادة ولا استقرار للبنان قبل معالجة هذه الكارثة التي تهدد الاقتصاد والأمن والديموغرافيا، مشددًا على ضرورة تبني خطة وطنية شاملة تشمل دعم المجتمع المضيف، وتوفير بنية تحتية تعليمية وصحية مناسبة للنازحين قبل أي إعادة للعودة، إضافة إلى وضع برامج اقتصادية واجتماعية لتخفيف الضغط على الخدمات والمرافق العامة.