"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
"شراء الوقت بانتظار تغييرٍ ما"، هو ما تراهن عليه حركة "حماس" عبر موافقتها على خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في غزة، وإن كانت تشترط تعديلات في بعض البنود المتعلّقة بآليات تسليم السلاح، الذي تعتبره الحركة ضمانةً لها، فيما يعتبره محور "المقاومة" في المنطقة عنصراً أساسياً لتحرير الأرض، وإن لم يحقّق شيئاً، على الأقل في غزة على مدى العامين الماضيين، خصوصاً وأنه منذ العام 1948 إلى اليوم، لم يسقط شهداء من الشعب الفلسطيني بالقدر الذي سقط خلال العدوان الإسرائيلي على غزة بعد عملية السابع من أوكتوبر، بعدما دمّر العدو الإسرائيلي القطاع، وليس الحركة.
ويقود الحديث عن السلاح والشهداء والعدوان أوساطاً ديبلوماسية متابعة، إلى الكشف عن أن قرار "حماس" الذي فاجأ إسرائيل، قد منع بنيامين نتنياهو من الإنقضاض على غزة واحتلالها، لكن من مصلحة الحركة، أن لا ترتكب أي هفوة تؤدي إلى الإطاحة بما تبقّى من غزة، وأن تلتزم بخطة ترامب لكي تحمي القطاع وأهله، ولو اقتضى ذلك تسليم السلاح وعدم اللجوء إلى المناورة والرهان على الوقت أو على تغيير في المواقف العربية أو الدولية.
فحركة "حماس" قد باتت أمام حائطٍ مسدود، تقول الأوساط الديبلوماسية المتابعة، وذلك في ظل ضيق الخيارات وارتفاع منسوب ضغط بيئتها قبل الخارج، جراء الحرب والجوع والتهجير، ولم تأتِ موافقتها، ولو بشروطٍ، على مقترحات ترامب، إلاّ نتيجة مواقف دول عربية "وسيطة"، من أجل إحباط كل السيناريوهات التي كانت قيد الإعداد في أروقة الإدارة الأميركية. وبالتالي، فإن التزام "حماس" بالخطة، سيؤدي إلى سحب البساط من تحت أقدام نتنياهو، الذي بات محاصراً داخلياً بسبب موافقته على هذه الخطة التي تدفع إلى الأمام بحل الدولتين، الذي يراهن نتنياهو على إسقاطه من بوابة غزة واحتلالها، ثم الإنقضاض على الضفة الغربية.
وإذا كان البند الأول في خطة ترامب هو ما يهمّه، فإن الأوساط عينها، تحذّر من "امتحان السلاح" في غزة، والذي يُنذر بأن يطيح بالخطة بعد تنفيذ هذا البند والذي ينصّ على إطلاق الأسرى الإسرائيليين. فالتمسك بالسلاح من قبل "حماس" إلى تحقيق الإنسحاب الإسرائيلي بشكلٍ نهائي من القطاع، كما هي الحال بالنسبة لموقف "حزب الله" في لبنان، تضعه الأوساط الديبلوماسية، في خانة المجازفة باستمرار الحرب والحؤول دون إنهائها، ما يعني المزيد من الضحايا والخسائر.
ليس خافياً على أحد بأن الخطة الأميركية منحازة للمصالح الإسرائيلية، رغم الضغط الذي مارسه الرئيس ترامب على نتينياهو لانتزاع موافقته عليها، لكن موافقة "حماس" عليها، حتى قبل انهاء المهلة التي كان حدّدها ترامب، تحمل أكثر من دلالة، وتحدّدها الأوساط الديبلوماسية، أولاً، باستشعار المحور الذي تنتمي إليه الحركة، خطورة السيناريوهات الأميركية لهذا المحور وميليشياته، وثانياً، القناعة لدى هذا المحور بأن تعطيل التسوية في غزة أو خطة ترامب، سوف يُعفي واشنطن، وربما المجتمع الدولي، من أي مسؤولية عن استمرار الحرب في غزة، وسينقذ نتنياهو أو اليمين الإسرائيلي من العزلة الدولية، وسيسمح باستكمال تنفيذ مخطّطه في الإطباق على القطاع وتهجير أهله، وثالثاً، القناعة لدى الدول العربية والإقليمية، بأن استمرار المواجهة العسكرية سيكون إنتحارياً وسوف تترتب عليه أثمان باهظة.