ويؤكّد أنّنا نعيش اليوم مرحلة "حبس أنفاس" في انتظار التوصّل إلى اتفاق نهائي وملزم لكل الأطراف بشأن وقف إطلاق النار في غزة، بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح المدنيين، في ظل واقع إنساني كارثي يعيشه القطاع، تتصدره مشاهد المرض والجوع والاستشهاد والتهجير.
ويشدد طه على أنّ الوقت لم يعد رفاهية يمكن النقاش حولها، فالوضع على الأرض بالغ التدهور، ومن الضروري التوصّل إلى حل عاجل لتجنب مزيد من المآسي، محذّرًا من أن التأخير في الوصول إلى اتفاق سيُترجم بمزيد من الشهداء والدمار.
إطلاق الأسرى مسألة وقت... والتأخير ثمنه دم
ويرى طه أن حركة حماس مطالبة بإطلاق سراح الأسرى، وهو أمر "محتوم" حسب تعبيره، "إن لم يتم اليوم فسيحصل بعد عام، ولكن الفارق أن التأخير يعني سقوط المزيد من الشهداء".
ويتابع:
"حماس تعي تمامًا أن إسرائيل، في حال توقفت الحرب ووقّعت على هدنة، ستعود عاجلاً أم آجلاً إلى استهدافها، ما لم يتم التوصّل إلى اتفاق نهائي شامل، ولهذا السبب تُبذل جهود حثيثة اليوم للوصول إلى هذا النوع من الاتفاقات من أجل وقف شراهة القتل الإسرائيلي بحق المدنيين، بغطاء واضح من الولايات المتحدة".
مفاوضات القاهرة: حسم مصير "اليوم التالي"
وفي ما يتعلّق بالمفاوضات الجارية حاليًا في القاهرة، يكشف طه أنّها تُركّز على النقاط الخلافية الأساسية، وفي طليعتها مصير حركة حماس في "اليوم التالي" للحرب.
فبرأيه، حماس تدرك أنها لن تكون طرفًا في اليوم الثاني، لكنها تحاول الحفاظ على موطئ قدم في الحكم، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول من سيتولى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
ويضيف أن الحل المطروح حاليًا هو تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية لمدة ستة أشهر، تتوافق عليها الأطراف المعنية، تتولى إدارة القطاع خلال المرحلة الانتقالية، على أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف الرسمي، "لأن غزة فلسطينية، ولا يمكن اعتبارها كيانًا منفصلًا عن الدولة الفلسطينية"، حسب قوله.
"ديرمر وكوشنير" إلى القاهرة: اللمسات الأخيرة؟
ويشير طه إلى أن نجاح المفاوضات في تخطي العقبات الأساسية، سيؤدي إلى وصول المبعوثين الأميركيين دور ديرمر وجاريد كوشنير إلى القاهرة غدًا، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، تمهيدًا لعقد صفقة متكاملة، إما لإنهاء الملف نهائيًا أو للاتفاق على هدنة طويلة الأمد.
أرقام صادمة... وأزمة إنسانية خانقة
وحول الواقع الإنساني في غزة، يلفت طه إلى أن "اليوم الثاني للحرب يجب أن يشمل خطة شاملة لإعادة الإعمار، وضمان دخول المواد الغذائية والأدوية ومستلزمات المستشفيات"، مشيرًا إلى أن الوضع الصحي في القطاع بلغ مرحلة الانهيار التام.
ويورد أرقامًا صادمة:
731 يومًا من الحرب
77 طفلًا يُستشهد يوميًا
29 أرملة جديدة كل يوم
25 مستشفى من أصل 39 متوقف عن العمل
55% من الأدوية الأساسية غير متوفرة
64% من المستهلكات الطبية مفقودة
نسبة الإشغال في المستشفيات وصلت إلى 300%
المرافق الطبية تعمل بأقل من الحد الأدنى من الإمكانات
ويصف المشهد بأنه "مجزرة مستمرة أمام أعين العالم"، مؤكدًا أن "وقفها ليس خيارًا بل ضرورة إنسانية ملحّة".
العقبات أمام الاتفاق: الأسرى والحكم
أما عن أبرز العقبات التي تعترض مسار الاتفاق، فيُشير طه إلى نقطتين أساسيتين:
رفض حماس تسليم الأسرى أو محاولتها تمديد مدة التسليم لعدة أشهر.
إصرار حماس على عدم التنازل عن الحكم أو الاحتفاظ بدور سياسي أو أيديولوجي في المرحلة المقبلة.
ويؤكّد أن مصير حركة حماس هو القضية المركزية، مشيرًا إلى أنه "من المقتضيات الضرورية لأي اتفاق أن تتخلى حماس عن الحكم، وألا يكون لها أي دور سياسي في إدارة المرحلة المقبلة".
التوافق الدولي: لا مكان لحماس في السلطة
ويلفت طه إلى أن الموقف الدولي واضح، سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو حتى من الدول التي اعترفت مؤخرًا بالدولة الفلسطينية، فجميعها ترفض بقاء حماس في الحكم.
ويخلص إلى القول:"إذا كان السبيل الوحيد لإعلان الدولة الفلسطينية هو إقصاء حماس عن الحكم، فعليها أن تتنازل. أما البديل، فهو إرغامها على التنازل وإبعادها بالكامل عن السلطة".