تدخل محادثات التهدئة في مدينة العريش المصرية مساء اليوم (الثلاثاء) مرحلة وُصفت بـ"المصيرية"، وسط خلافات حادة داخل حركة حماس بين قيادتها في غزة وقياداتها في الخارج المتمركزة في تركيا وقطر. وبحسب مصادر متابعة، فإن العقبة الأكبر تتمثل في موقف القيادي البارز خليل الحية، الذي نجا مؤخراً من محاولة اغتيال في قطر راح ضحيتها نجله وكنّته، إذ أصبح أكثر تصلباً في مواقفه منذ ذلك الحين، معتمداً نهجاً متشدداً في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأميركية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ظهر اليوم إنّه "لا يمكن التفاؤل أو التشاؤم بشأن هذه المفاوضات"، فيما أكد مصدر في حماس أن وفد الحركة في مصر "يعمل على تجاوز العقبات" من أجل التوصل إلى اتفاق "يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني"، مشدداً على أن الحركة "تتعامل بجدية مع أي مقترح لوقف إطلاق النار يستند إلى الخطة الأميركية التي قدّمها الرئيس دونالد ترامب".
تشمل المفاوضات ملفات حساسة أبرزها:
المخطوفون الأحياء: تؤكد حماس امتلاكها 20 محتجزاً على قيد الحياة يمكن إطلاق سراحهم خلال ساعات، لكنها تطالب بتنفيذ العملية على مراحل مرتبطة بانسحاب الجيش الإسرائيلي. في المقابل، ترفض واشنطن هذا الطرح وتصرّ على الإفراج المتزامن عن الجميع.
المخطوفون القتلى: قضية معقدة أكثر، إذ تعترف حماس بعدم معرفتها بمكان جميع الجثامين الـ28، مشيرة إلى أن بعضها مدفون في مناطق تسيطر عليها إسرائيل.
الأسرى الفلسطينيون: بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، الخلاف حول الأعداد ليس جوهرياً، إذ بعد القبول بمبدأ الإفراج عن محكومين بالمؤبد يصبح الفرق بين إطلاق 100 أو 150 أسيراً مسألة ثانوية.
الانسحاب: الرئيس ترامب قدّم خريطة للانسحاب وافقت عليها إسرائيل، غير أن قيادة حماس في الخارج تضع شروطاً وتربطها بملف المخطوفين.
السلاح: حماس تطالب بالسماح لعدد من قياداتها بالبقاء في غزة مع أسلحة شخصية "للدفاع عن النفس"، وهو ما ترفضه إسرائيل والولايات المتحدة بشكل قاطع.
إنهاء الحرب: طرحت واشنطن صيغة تعتبرها إسرائيل مقبولة، غير أن الخلاف على التفاصيل ما زال قائماً.
وتقول التقديرات الإسرائيلية إنّ ضغط القيادة العسكرية في غزة، التي تخشى الانجرار نحو استسلام كامل، إضافة إلى الضغط الأميركي على قطر وتركيا ومصر، قد يسرّع التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الأسبوع. وتشير مصادر إلى أن إشراك تركيا في المحادثات يعدّ ورقة ضغط مهمة، خصوصاً وأن أنقرة بانتظار قرار أميركي بشأن صفقة تسليح ضخمة لتطوير سلاحها الجوي، ما يمنحها قدرة أكبر للتأثير على موقف قيادة حماس في الخارج.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في حماس خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة إلى جانب مسؤول ألماني: "المفاوضات مستمرة في شرم الشيخ بين وفد الحركة والوفد الإسرائيلي بحضور أطراف إقليمية، وغداً سينضم الموفد الأميركي". وأوضح أن النقاشات شملت ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن الدولي لتبنّي الخطة الأميركية، إضافة إلى أهمية نشر قوات دولية توفر الحماية للفلسطينيين والأمن للإسرائيليين في آن معاً.
وبين التعقيدات الداخلية لحماس والضغوط الإقليمية والدولية، ينتظر أن تحدد الساعات المقبلة ما إذا كانت المفاوضات ستفضي إلى اتفاق شامل لوقف الحرب أم ستبقى رهينة المواقف المتشددة والانقسامات داخل الحركة.