يقول أحد أولياء الأمور لـ"ليبانون ديبايت": "في هذه المدارس الخاصة، كلّ شيء يُدار بالعلاقات العائلية لا بالكفاءة. الممرّضة هي نفسها معلمة الأحياء، والأخصائية الاجتماعية تُدرّس التربية المدنية، وصدفةً… بنت خالة المديرة! أما المنسّق التربوي، فتمّ تعيينه لأنّه زوج إحدى المعلمات، والمحاسب هو شقيق المديرة، بحجّة الثقة والأمانة. نحن أمام مدارس عائلية بامتياز، لا مؤسسات تعليمية".
ويضيف: "حتى حصص الرياضة، التي تُعتبر المتنفّس الوحيد للتلاميذ، لا تخضع لأي برنامج تربوي منظّم. كلّ ما في الأمر أن الأستاذ يترك الأولاد يلعبون بحرّية تامة، ويكفي أن تمرّ الناظرة من الشرفة حتى تُطلق صافرة الانضباط، فتتحوّل الفوضى إلى مشهدٍ تمثيلي منضبط".
أما الطامة الكبرى، وفق الأهالي، فهي في غياب الرقابة الفعلية من وزارة التربية، التي تكتفي ببيانات شكلية وزيارات محدودة لا تلامس جوهر الأزمة. فمدارس كثيرة ترفع الأقساط بلا مبرّر، وتفرض على الأهل شراء الكتب والزيّ المدرسي من مؤسسات محدّدة تابعة لها، ما يزيد الأعباء المالية في ظل الوضع الاقتصادي الخانق.
ويختم بمرارة: "قد يسأل البعض لماذا لا نلجأ إلى المدرسة الرسمية؟ ببساطة، لأنّها رهينة البرامج المموّلة والمساعدات الخارجية، وتُدار وفق أجندات لا تمتّ إلى التعليم الوطني بصلة. صحيح أنّ الكثير من الأهالي يفضّلون تسجيل أولادهم في المدرسة الرسمية، لكنهم يتراجعون في اللحظة الأخيرة بسبب الأزمات المتكرّرة التي تضرب القطاع، من رواتب الأساتذة المتدنية إلى الإضرابات المستمرة التي تُعطّل العام الدراسي وتتسبّب بتأخّر المناهج وضياع الوقت. عندما تصبح المدرسة الرسمية مؤسسة حقيقية، بنظامٍ موحّد وعدالةٍ في التعليم، سنكون أول من يعيد أبناءه إليها".
وبين أقساطٍ خيالية وخدماتٍ تربوية هزيلة، يبقى المشهد التربوي في لبنان أسير الفوضى والزبائنية، فيما وزارة التربية تراقب بصمتٍ يُشبه التواطؤ، وفق تعبير الأهالي، وكأنّ انهيار أحد أهم القطاعات في البلاد لا يعنيها.
اليوم، يطالب الأهالي بتحرّكٍ حقيقي يضع حدًّا لسياسة "الجباية مقابل اللاكفاءة"، عبر إعادة تفعيل الرقابة على المدارس الخاصة، ومحاسبة كل إدارة تتلاعب بالأقساط أو تتجاوز المعايير التربوية.
فهل تتحرّك الوزارة لحماية ما تبقّى من هيبة التعليم في لبنان، أم تكتفي مجددًا بدور المتفرّج على مؤسساتٍ باتت تُسوَّق باللافتات وتُدار بالعائلة؟