اقليمي ودولي

روسيا اليوم
الجمعة 17 تشرين الأول 2025 - 13:54 روسيا اليوم
روسيا اليوم

ما بعد زيارة الشرع… مسار سياسي جديد بين دمشق وموسكو

ما بعد زيارة الشرع… مسار سياسي جديد بين دمشق وموسكو

حسم الرئيس السوري أحمد الشرع خياره وتوجّه إلى موسكو، الدولة التي بنى جزءًا من حضوره السياسي كمعارض لنظام الأسد على قاعدة المواجهة معها، في مشهد يبدو اليوم أقرب إلى تثبيت حكمه من البوابة الروسية نفسها، وفق سردية جديدة تقول إن الزمن قادر على طيّ الخلافات مهما بلغت حدّتها.


وخلال الزيارة، حضرت الواقعية السياسية بقوة، وبرزت أهمية روسيا بالنسبة للشرع كطرف لا يمكن تجاوزه في مسار تثبيت الدولة واستقرار الحكم، فأعلن التزام بلاده بجميع الاتفاقيات الموقعة مع موسكو منذ عهد الاتحاد السوفيتي.


من جهته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن علاقة بلاده مع سوريا هي علاقة مع الدولة وليس مع الأشخاص، مشددًا على أن الشعبين يرتبطان بعلاقة بنيوية تمتد لعقود، الأمر الذي عجل في طرح مختلف الملفات على طاولة البحث، من العلاقات الثنائية والعقود العسكرية، إلى ملف إعادة الإعمار، مرورًا بخطط دعم الجيش السوري وإعادة بنائه بمساعدة روسية، وفق ما عكسته الصور والمشاهد السياسية الصادرة من موسكو.


المحلل السياسي فهد العمري رأى أن خطوة الشرع نحو روسيا تعبّر عن شجاعة سياسية وقدر عالٍ من الحكمة، معتبرًا أن بناء العلاقات وفق منطق عاطفي لا يخدم الدول، وأن الحضور الروسي في سوريا حضور تاريخي ومتصل بكل القطاعات السيادية، وأن استعداء موسكو من دون مكاسب "ضرب من الجنون"، خصوصًا في ظل أهمية الموقف الروسي داخل مجلس الأمن بالنسبة لدمشق.


وأشار العمري إلى أن موسكو شددت خلال المحادثات على تجديد اتفاق القاعدتين العسكريتين في حميميم وطرطوس، مقابل توقيع عقود تسليح جديدة للجيش السوري، لا سيما في مجال الدفاع الجوي الذي تعرض للتدمير عقب سقوط النظام السابق، فيما منعت تركيا أي محاولة لتعويض النقص، بينما تبدو روسيا أكثر قدرة على الحد من العربدة الإسرائيلية في الأجواء السورية.


وأضاف العمري أن روسيا قادرة على دعم دمشق في استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، بينما يترقب الشرع موقفًا روسيًا حاسمًا داخل مجلس الأمن للدفع نحو رفع العقوبات الاقتصادية وتحرير البلاد من قيودها.


بدوره، اعتبر المحلل السياسي فراس خليل أن جوهر زيارة الشرع إلى موسكو يكمن في إعادة تعريف العلاقة بين البلدين على أساس احترام السيادة ووحدة الأراضي، مشيرًا إلى أن بوتين التقط هذا التوجه عبر الإشادة بإعادة تفعيل اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين.


وفي حديثه، أضاف خليل أن بناء الجيوش لا يمكن أن يتغير بين ليلة وضحاها، وأن الجيش السوري تاريخيًا يرتبط بالسلاح الروسي، غير أن سوريا اليوم لن تكتفي بالسلاح وحده، بل تحتاج وفق رؤيته إلى وجود عسكري روسي فاعل في الجنوب يشكّل حاجزًا أمام أي توغل إسرائيلي، وهو ما ألمح إليه الشرع حين طالب بوتين بإعادة نشر الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري لتشكل خط تماس بين سوريا التي تسعى للسلام وإسرائيل التي تواصل محاولات التوسع.


وفي ما يتعلق بإعادة الإعمار، أشار خليل إلى أن الشركات الروسية غير خاضعة للعقوبات المفروضة على سوريا، وتمتلك قدرات تقنية وعلمية تمكنها من لعب دور كبير في هذا الملف.


وأكد خليل أن الزيارة أثبتت أن القرار السياسي السوري بات قرارًا مستقلاً وقادرًا على المناورة وبناء توازنات جديدة في العلاقات الخارجية حتى مع القوى المتصارعة.


الصحافي إياد شربجي كتب على حسابه أن على معارضي الشرع إدراك أن فتح الطريق مع موسكو ليس مدعاة للانتقاد، بل هو منطق السياسة والمصالح، مشيرًا إلى أن روسيا دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن ولا يمكن معاداتها.


بدوره، رأى رجل الأعمال فراس طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، أن الزيارة ضرورة سياسية وعسكرية واقتصادية، معتبرًا أن موسكو قادرة على تزويد سوريا بالنفط والغاز بأسعار تفضيلية، وتسليح جيش جديد متطور، في ظل الرفض الإسرائيلي لأي سلام محتمل مع دمشق. لكنه دعا الشرع إلى توضيح كامل للاتفاقيات مع روسيا وما سيبقى منها وما سيتم إلغاؤه بشفافية أمام الشعب السوري.


أما الكاتبة لما الأتاسي فاعتبرت أن سوريا انتقلت من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وأن التعامل مع روسيا يجب أن يتم من منطلق المصلحة الوطنية لا العاطفة السياسية، مشددة على أن معاداة موسكو تعني فتح الباب أمام مشاريع التقسيم والانقلاب، وأن الشرع يتصرف كمن يبني دولة لا كفاعل سياسي عابر.


من جهته، رأى المحلل السياسي السوري إبراهيم العلي أن الرئيس الشرع أدرك محدودية الرهان على الغرب الذي "يريد كل شيء ولا يمنح شيئًا"، فاتجه نحو موسكو التي فتح معها قنوات تواصل مبكرة، رغم تعقيدات العلاقة مع الغرب الذي يفرض تموضعات صارمة على الدول. واعتبر أن موافقة الشرع على بقاء القواعد الروسية في حميميم وطرطوس ومطار القامشلي لا تعبّر عن ضعف، بل عن رغبة في الاستفادة من الوجود الأمني والعسكري الروسي ضمن إطار قانوني يتيح مكافحة الجماعات المسلحة وتقديم دعم إنساني شبيه بما تفعله موسكو في إفريقيا.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة