أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن مسؤولين سعوديين أبلغوه، يوم أمس، باستعداد المملكة للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مشيراً إلى أنه أجرى خلال الأربعاء الماضي سلسلة من "المحادثات الجيدة جداً" مع دول عبّرت عن نيتها الانضمام إلى الاتفاقية التي تسعى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية.
وفي مقابلة بُثّت الجمعة عبر شبكة "فوكس بيزنس"، أعرب ترامب عن توقعه توسيع الاتفاقيات قريباً، قائلاً: "آمل أن أرى المملكة العربية السعودية تدخل، وآمل أن أرى آخرين يدخلون. أعتقد أنه عندما تدخل السعودية، سيدخل الجميع".
ورغم هذه المؤشرات، تتمسّك الرياض بشرط واضح مفاده أنها لن تطبّع مع إسرائيل قبل وجود مسار ملزم وزمني لإنشاء دولة فلسطينية. وفي هذا الإطار، وافق بنيامين نتنياهو شفهياً على خطة ترامب للسلام المؤلفة من 20 نقطة، وتنص إحدى فقراتها على أن تمهيد الحكم المدني في غزة وتنفيذ إصلاح داخل السلطة الفلسطينية قد يفتح الطريق أمام "أفق سياسي" للفلسطينيين نحو تقرير المصير وإقامة الدولة.
وتؤكد النقطة العشرون والأخيرة من الخطة أن الولايات المتحدة ستسعى إلى إقامة حوار مباشر بين إسرائيل والفلسطينيين لتحديد مسار للتعايش السلمي. غير أن ترامب نفسه كان قد أعلن عند عرض الخطة أنه يتفهّم معارضة نتنياهو لفكرة الدولة الفلسطينية، مؤكداً أنه لم يحسم موقفه النهائي من حل الدولتين — وهو ما تعتبره السعودية مفصلياً للانضمام إلى الاتفاقيات.
وبحسب مراقبين، فإن اتفاق شرم الشيخ الأخير بين إسرائيل وحماس، الذي رعته مصر، لم يتناول الجزء المتعلق بحل الدولتين من خطة ترامب، بل ركّز فقط على وقف إطلاق النار وإدارة المراحل الانتقالية. ومع ذلك، يواصل ترامب إبداء تفاؤله بإمكانية توسيع اتفاقيات أبراهام، خاصة بعد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيّز التنفيذ.
وأوضح ترامب: "لا أريد استخدام كلمة فوري، ولكن قريباً"، في إشارة إلى احتمال انضمام دول عربية وإسلامية جديدة.
وأشار ترامب إلى أن اتصالات سعودية تمت "أمس" حول الاستعداد للانضمام للاتفاقيات، مؤكداً أن الاتصالات التي جرت الأربعاء الماضي تشمل دولاً أخرى أبدت الاستعداد ذاته. واعتبر أن وقف إطلاق النار في غزة وتحجيم "التهديد النووي الإيراني" يشكلان بيئة مواتية لتوسيع دائرة التطبيع.
واعترف ترامب بحساسية الموقف السعودي قائلاً إنه أبلغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للرياض في أيار الماضي بأن "الانضمام سيتم في الوقت الذي تراه السعودية مناسباً"، مضيفاً أن الحرب في غزة والصراع مع إيران كانا عائقين أمام أي إعلان سعودي مباشر.
وكانت الإمارات والبحرين قد وقّعتا اتفاقيات أبراهام عام 2020 خلال ولاية ترامب، لتصبحا أول دولتين عربيتين تطبّعان العلاقات مع إسرائيل منذ معاهدة كامب ديفيد عام 1979، ولحق بهما المغرب والسودان لاحقاً.
وأشاد ترامب بتلك الخطوة واصفاً إياها بأنها **عمل جريء في وقت كانت فيه إيران "أقوى بكثير إقليمياً" قبل الضربات الأميركية والإسرائيلية المشتركة لبرنامجها النووي في حزيران 2025.
وعاد الحديث هذا الأسبوع عن احتمال انضمام إندونيسيا، التي كان رئيسها برابوو سوبيانتو يدرس زيارة تاريخية إلى إسرائيل بعد قمّة شرم الشيخ حول غزة، لكن مكتبه سارع إلى نفي ذلك بعد تسريب تفاصيل الزيارة.
وكان سوبيانتو قد لفت الأنظار في خطابه بالأمم المتحدة الشهر الماضي عندما قال إن "حق إسرائيل في العيش بأمان يجب أن يُحترم" وأنهى كلمته بـ"شالوم".
بالتوازي، ذكرت فاينانشيال تايمز أن الرياض تجري محادثات مع واشنطن بشأن اتفاق دفاعي شبيه بالاتفاق القائم بين الولايات المتحدة وقطر، ينص على اعتبار أي هجوم على السعودية تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي.
ومن المتوقع — بحسب الصحيفة — أن تُطرح هذه الضمانات خلال زيارة ولي العهد السعودي المرتقبة إلى البيت الأبيض الشهر المقبل، في إطار المسار الأميركي لتأمين بيئة إقليمية داعمة للتطبيع المحتمل بين الرياض وتل أبيب.