أطلق وزير الصحة العامة ركان ناصر الدين الحملة الوطنية للتوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي تحت شعار: "صرتي بالأربعين، ما تفكري مرتين، اعملي صورة الثديين".
وتأتي هذه الحملة بعد توقف دام ست سنوات نتيجة الأزمات المتتالية التي شهدها لبنان منذ جائحة كورونا مرورًا بالأزمة المالية وانفجار المرفأ وصولًا إلى الحرب الأخيرة. وتشمل الحملة هذا العام شراكات بين وزارة الصحة العامة وخمسين مستشفى حكوميًا، وللمرة الأولى مستشفيات خاصة، لإجراء التصوير الشعاعي المجاني من الآن وحتى نهاية السنة في المستشفيات الحكومية والمراكز والمستشفيات الخاصة المتعاقدة مع الوزارة، بالتزامن مع تفعيل الخط الساخن 1214 لتحويل السيدات إلى أقرب مستشفى.
وجرى إطلاق الحملة خلال لقاء في الوزارة حضره المدير العام بالوكالة فادي سنان، ورئيس لجنة وزارة الصحة للتوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي البروفسور ناجي الصغير، وأعضاء اللجنة، وعدد من مدراء ورؤساء مجالس الإدارة في مستشفيات حكومية وخاصة تتعاون مع الوزارة، بالإضافة إلى ممثلين عن جمعيات أهلية وغير حكومية تعمل على مكافحة المرض.
بدأ اللقاء بكلمة لعريف الحفل الإعلامي محمد جرادي، ثم ألقى البروفسور ناجي الصغير كلمة أكد فيها أن حملات التوعية والكشف المبكر التي دأبت وزارة الصحة على تنفيذها منذ عام 2002، أثمرت زيادة في الوعي انعكست في تغيير المعادلة من أن ثلثي الحالات التي يتم تشخيصها كانت متقدمة أو منتشرة، إلى ثلثي الحالات بمراحل مبكرة أولى وثانية.
وأوضح أن اكتشاف سرطان الثدي في المراحل الأولى والثانية أو مراحل تكلسات ما قبل السرطان يؤدي إلى شفاء بنسبة تتراوح بين 80 و90% من الحالات، حتى دون استئصال كامل وربما بدون علاج كيميائي، لكنه أعرب عن أسفه لعودة ارتفاع الحالات المتقدمة بسبب عدم إجراء الصورة الشعاعية "على صحة السلامة" وعدم اللجوء إلى الأطباء بسبب عدم قدرة غالبية السيدات على تحمّل التكاليف.
وأشار إلى أن آخر الإحصائيات تفيد بوجود ما بين 2500 و3000 حالة سرطان ثدي جديدة سنويًا في لبنان، وتطرق إلى الدراسة الإحصائية المتداولة في الأسابيع الماضية حول ارتفاع نسبة الوفيات بالسرطان، معتبرًا أن الأرقام ليست دقيقة جدًا لكنها مقلقة وتدق جرس إنذار، خصوصًا أنها تأخذ في الحسبان نسب التدخين المرتفعة ونمط الحياة الغذائي غير الصحي، وقلة النشاط البدني والتلوث، وعدم القدرة على الحصول على العلاج أو دفع تكاليفه.
وشدد على أن الوقاية والكشف المبكر ينقذان الثدي والحياة، متمنيًا أن يصبح الكشف المبكر روتينًا سنويًا بعد سن الأربعين لكل السيدات، مذكرًا بأن وزارة الصحة العامة أطلقت في عهد الوزير فراس الأبيض البرنامج الوطني لمكافحة السرطان بإشراف الدكتور عرفات طفيلي، وهو مستمر في عهد الوزير ركان ناصر الدين، والحملة الحالية تأتي ضمن أولويات الوقاية وأهداف الحملة الوطنية لمكافحة السرطان في لبنان لزيادة نسب الشفاء وتقليل الوفيات، قبل أن يختم مكررًا شعار الحملة: "صرتي بالأربعين، ما تفكري مرتين، اعملي صورة الثديين".
وفي كلمته، لفت وزير الصحة العامة ركان ناصر الدين إلى أهمية التشخيص المبكر والوقاية لسببين: الأول الحفاظ على الأرواح، والثاني ضمان علاج أكثر فعالية وأقل كلفة، مشيرًا إلى أن سرطان الثدي يشكل 43% من حالات السرطان لدى السيدات في لبنان، بينها 30% تحت عمر الخمسين، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعدلات العالمية.
وشكر الوزير أكثر من خمسين مستشفى حكوميًا وخاصًا لتعاونها مع الوزارة في تأمين التشخيص المبكر على نفقة الدولة، كاشفًا أنه كان مطروحًا تحديد عدد السيدات اللواتي يمكن تشخيصهن مجانًا، لكنه رفض هذا الخيار قائلاً إنه "من غير الممكن أن تُحرَم أي امرأة من التشخيص بسبب العدد"، ليتم اتخاذ القرار بأن يكون التشخيص المجاني مفتوحًا لكل السيدات حتى نهاية السنة في المستشفيات المتعاقدة مع الوزارة.
وأعلن الوزير عن إعادة تفعيل الخط 1214 لتحديد المستشفى التي يجب على السيدة التوجه إليها وفقًا لقربها الجغرافي، مؤكدًا أن التشخيص المبكر هو الأساس وهو الصحة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى استمرار الوزارة بدعم المستشفيات الحكومية، بحيث ستكون كل المستشفيات في مثل هذا الوقت من العام المقبل مزودة بآلة تصوير شعاعي Digital Mammography ومعدات متطورة إضافية.
وفي ختام اللقاء، قدمت السيدة جويس خوري شهادة حية عن تعافيها من سرطان الثدي بعد اكتشافه في وقت مبكر، مؤكدة أهمية الدعم النفسي للمريض، ومثنية على دور جمعية باربرا نصار ووزارة الصحة في مساعدتها وتأمين الدواء خلال فترة الأزمة المالية.