تشير مصادر مطّلعة لـ"ليبانون ديبايت"، إلى أن البُعد الأميركي يشكّل عامل الحسم في مسار التفاوض، فلبنان لا يرغب في الدخول بأيّ مفاوضات ما لم تترافق مع ضمانات أميركيّة واضحة، وهو ما يجعل زيارة براك المحتملة إلى بيروت ذات دلالة مزدوجة، أولاً، لإيضاح الموقف الأميركي والترتيب للدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في الوساطة. وثانيًا، لربط هذا الدور بتوقّع زيارة تالية إلى إسرائيل، الأمر الذي قد يُمهّد لانطلاق فعليّ للمرحلة التفاوضيّة.
في هذا السياق، يبدو أنّ وصول السفير ميشال عيسى إلى بيروت يستحوذ على أهمّية خاصّة، إذ تُرجِع الأوساط اللبنانيّة التفاؤل الجزئيّ إلى المعلومات التي وصلت إلى الجانب اللبناني بأنّ الإدارة الأميركية ترحّب بخطوة لبنان نحو التفاوض، وأنّها ستقابلها بدور فعّال، لكنّها في الوقت نفسه تشدّد على أنّ العقدة الكبرى ليست في بيروت، بل في تل‑أبيب، وبالتالي فإنّ زيارة براك قد تسبق وصول السفير الأميركي الجديد في حال لمس الأميركي بدء نضوج لفكرة التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل.
آليّة التفاوض على جدول جلسة مجلس الوزراء
كما تكشف المصادر أنّ غداً، في جلسة مجلس الوزراء، قد يُطرح ملف آليّة التفاوض، لكن ليس باعتباره الموضوع الأساسي في جدول الأعمال، بل كمحور للنقاش والتوجيه، ومن المتوقع أن يُسبق الجلسة لقاء بين الرئيسين عون وسلام لتمهيد النقاش، لكن، بحسب المصادر، الهدف ليس إقرار نهائيّ للآليّة، بل تأكيد الإرادة وإرسال إشارة داخليّة وخارجيّة بأنّ لبنان ليس خارج اللعبة، ومن المتوقع أن تكون مدار بحث بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام في خلوة تسبق جلسة مجلس الوزراء.
وفيما يتعلّق بزيارة براك، وبحسب المعلومات المتوفّرة، إن ما تمّت، فإنّ الربط بها وبين زيارة إلى إسرائيل يُعدّ رسالة مزدوجة، رسالة إلى لبنان عن جدّية واشنطن، ورسالة إلى إسرائيل بأنّ المنطقة المؤاتية للوساطة بدأت تتشكّل، أما بالنسبة للبنان، فإنّ الإيجابيّة المتنامية داخليًا، خصوصًا بعد موقفه المعلن واستعداداته للمفاوضات غير المباشرة، تضعه في موقع تفاوضي أفضل من حيث المكاسب المحتملة: مثلاً، حثّ إسرائيل على تجاوز تصعيدها في الجنوب، فتح المجال للاستثمار الدولي في لبنان، وربّما خروج من العزلة السياسية والاقتصادية التي يعانيها.
ومع ذلك، تُشدّد الأوساط على أنّ أيّ تقدّم لن يبدأ قبل أن يُحقّق لبنان ضمانات أميركيّة واضحة. فهي ترى أنّ لبنان لا يستطيع أن يخوض مفاوضات ويُقدّم تنازلات ما لم يكن هناك غطاء أميركي يضمن سلامة حقوقه، كما أنّ غياب رغبة إسرائيليّة واضحة في التفاوض يُعدّ عقبة كبرى.