أكد مصدران لـ"رويترز" أن الجيش اللبناني فجّر عددًا كبيرًا من مخازن أسلحة حزب الله لدرجة أنّ المتفجرات التي بحوزته نفدت، وذلك في وقت يسابق فيه الزمن للوفاء بمهلة تنتهي بنهاية العام الحالي لحصر السلاح بيد الدولة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع إسرائيل.
وقال المصدران، أحدهما أمني والآخر مسؤول لبناني، إن النقص في المتفجرات، الذي لم تفد أي تقارير به من قبل، لم يمنع الجيش من تسريع وتيرة مهام التفتيش للبحث عن أسلحة مخبّأة في الجنوب بالقرب من إسرائيل. وجاء ذلك في تقرير لوكالة "رويترز" نُشر تحت عنوان: "عن كثب – الجيش اللبناني يسلك طريقًا سياسيًا وعِرًا لحصر السلاح بيد الدولة". وبحسب التقرير، أشار أحد المصدرين ومسؤولان آخران مطلعان على أنشطة الجيش في الآونة الأخيرة إلى أن الجيش يكتفي الآن بإغلاق المواقع التي يعثر عليها بدلًا من تدميرها لحين وصول دفعات أميركية من العبوات الناسفة وغيرها من المعدات العسكرية.
ولفت المسؤولان الآخران إلى أن عمليات التفتيش أسفرت عن العثور على 9 مخابئ أسلحة جديدة في أيلول، فيما قال المصدر الأمني إنه تم أيضًا إغلاق عشرات الأنفاق التي كانت الجماعة تستخدمها، ويجري تجنيد المزيد من الجنود للانتشار في الجنوب.
وتابع التقرير، "لكن التقدم في بقية أنحاء البلاد يبدو أنه غير مؤكد بنفس القدر". وقال مسؤول لبناني ثان قريب من حزب الله ومصدران أمنيان إنّه رغم التقدم الذي أحرزه الجيش، فإنه يريد تجنّب تأجيج التوتر وكسب الوقت للسياسيين اللبنانيين للوصول إلى توافق في الآراء بشأن ترسانة حزب الله في أجزاء أخرى من البلاد.
ولم ينشر الجيش صورًا لعمليات تدمير مخابئ الأسلحة، ولم يعلن حتى عن الأسلحة. وقال المصدران الأمنيان والمسؤول اللبناني الثاني إنّ التحرّك شمالًا وشرقًا دون توافق سياسي يهدّد بمواجهة مع عناصر حزب الله أو احتجاجات في الشوارع من الشيعة في لبنان الذين لا يزال الحزب يحظى بشعبية بينهم. وأضاف مسؤول لبناني مقرّب من حزب الله، "الباقي.. يعتمد على التسوية السياسية التي لا نملكها بعد. الجيش يراهن على الوقت".
وقال مسؤول لبناني لـ"رويترز" إن الجيش لا يزال يخشى حدوث انقسام داخله في حال اندلاع مواجهة مع أنصار حزب الله، وذلك بعد الانقسام الذي حدث خلال الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا.
وفي كلمة ألقاها يوم الأحد، وصف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم نهج الجيش بأنه جيّد ومتوازن، لكنه أصدر تحذيرًا قائلاً إنه يأمل ألا يفكر الجيش في الصدام مع "البيئة الشيعية".
ولم تُجب المكاتب الإعلامية للجيش اللبناني ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية على أسئلة "رويترز"، كما لم يرد الجيش الإسرائيلي على طلبات التعليق.
وأضاف تقرير الوكالة، "قال مصدران أمنيان لـ"رويترز" إن الجيش ليست لديه معلومات خاصة به حول أماكن تواجد مخزونات حزب الله، وإنه يعتمد على معلومات استخباراتية تقدمها إسرائيل إلى ما يُطلق عليها في لبنان اسم "الميكانزيم"، وهي لجنة أُنشئت بموجب اتفاق الهدنة ترأسها الولايات المتحدة وتضم فرنسا وإسرائيل ولبنان وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".
وأضاف المصدران أنّه في أواخر أيار، كان الجيش يتلقى تقارير كثيرة من الآلية لدرجة أنه لم يكن يستطيع مواكبة طلبات التفتيش. وعند عثور القوات على مستودع، فإنها تحتفظ بأي ذخيرة أو معدات جديدة تتوافق مع أسلحتها بينما تدمّر الصواريخ ومنصات الإطلاق وغير ذلك.
وأشارت بيانات "اليونيفيل" إلى أنّ عمليات نفذتها قوة حفظ السلام في الجنوب أسفرت عن اكتشاف أنفاق بطول عشرات الأمتار وذخائر غير منفجرة.
واستُنفدت مخزونات الجيش من المتفجرات بحلول حزيران. وفي آب، لقي 6 عسكريين حتفهم أثناء محاولتهم تفكيك مستودع أسلحة، ولم يتسنّ تحديد تفاصيل إضافية حول ملابسات الواقعة.
وبحسب التقرير: "تقول المصادر الأمنية إن نقص المعلومات يصعّب على الجيش تقدير ما خزنه الحزب بالضبط وأين، بما في ذلك في البقاع الشرقي، حيث يُعتقد أن الحزب يخزن الجزء الأكبر من صواريخه بعيدة المدى وأسلحتها الاستراتيجية الأخرى".
وقدمت إسرائيل بعض التقارير عن أسلحة في مناطق شمال الليطاني، لكن الجيش اعتبرها حساسة للغاية بحيث لا يمكن التحرك بشأنها دون توافق سياسي حيال مسألة نزع سلاح حزب الله هناك وكيفية القيام به، وفق أحد المصادر الأمنية ودبلوماسي مقيم في لبنان.
وأشار مسؤولون مطلعون على اجتماع مجلس الوزراء إلى أن إسرائيل تمثل عقبة أخرى في الجنوب رغم المعلومات الاستخباراتية المتاحة. وذكر مصدران أمنيان أنّ عددًا من الجنود أُصيبوا بنيران إسرائيلية خلال مهام التفتيش، فيما قالت اليونيفيل إن طائرات إسرائيلية مسيّرة أسقطت قنابل يدوية قرب جنود وقوات حفظ سلام.
وأضاف المصدران أنّ الجيش يحذر من أنّ احتلال إسرائيل لخمس قمم تلال داخل لبنان قد يعرقل تمشيط المنطقة كاملة. وعندما حاول الجيش اللبناني إقامة برج مراقبة بدائي لمراقبة الحدود، اعترضت إسرائيل، ولم تُنشر قوات في البرج حتى الآن.
كما لم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة بشأن إصابة الجنود اللبنانيين أو برج المراقبة المهجور.
وأكد مساعد في الكونغرس الأميركي أن واشنطن حريصة على أن يمضي لبنان بسرعة في عملية نزع السلاح في بقية أنحاء البلاد بعد الوفاء بالموعد النهائي المحدد بنهاية العام للجنوب، وقد سبق أن حذر المبعوث الأميركي توم براك من إجراء إسرائيلي محتمل إذا لم يتم احترام هذا الموعد.
وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ردًا على أسئلة "رويترز" أن "الولايات المتحدة تدعم تمامًا قرار لبنان الشجاع والتاريخي بنزع سلاح حزب الله"، مضيفًا، "المنطقة والعالم يراقبان الوضع عن كثب".