تعطّلت الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نتيجة مقاطعة عدد من الكتل والنواب، احتجاجًا على عدم إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر المتعلّق بتصويت المغتربين على جدول الأعمال.
اللافت أنّ القوى النيابية المقاطِعة تعاملت مع الأمر على أنّها حقّقت "انتصارًا سياسيًا" على بري، معتبرة أنّها سجّلت هدفًا في مرماه، رغم أنّ "المرمى كان خاليًا"، وفق مصادر نيابية، إذ لم يُظهر رئيس المجلس رغبة في خوض المواجهة أو بذل جهد استثنائي لتأمين النصاب.
وبدت الكتل المعارضة وكأنها "تحتفل" بما وصفته بـ"الإنجاز"، معتبرة أنّ إفشال الجلسة وتعطيل التشريع المشلول أصلًا يشكل رصيدًا جديدًا في معركتها ضد بري. ويعتقد هؤلاء أن شلّ السلطة التشريعية سيُضعف موقع رئيس المجلس ويدفعه في نهاية المطاف إلى التراجع عن رفضه إدراج اقتراح قانون تصويت المغتربين للنواب الـ128 على جدول الجلسة.
في المقابل، استغرب بري أمام زوّاره "ابتهاج البعض بتعطيل الجلسة والتباهي به وكأنه إنجاز"، قائلاً بابتسامة ممزوجة بالأسف: "إنه نصر وهمي لا أساس له، فالقوانين المدرجة ليست ملكي، بل للصالح العام، وإذا هم لا يريدون إقرارها... يصطفلوا".
وأوضح بري أنه لم يتدخّل لحشد النواب أو لتأمين النصاب، بل ترك لكل نائب حرية الحضور أو الغياب "من دون أي ضغوط أو تعليمات".
وعن الوضع الأمني واحتمال اندلاع حرب مع إسرائيل، أكد بري بثقة: "لا حرب، والأجواء إيجابية، وأنا مطمئن في هذه المرحلة".
أما في السياق النيابي، فيرى متابعون أن الكتل التي عطّلت الجلسة استعجلت الاحتفال، لأن الخاسر الحقيقي ليس بري أو الثنائي الشيعي بل الدولة والمواطن، إذ أن القوانين المؤجّلة كانت ترتبط بمصالح عامة وبجهود تحسين صورة لبنان في الخارج.
ويرى هؤلاء أن النواب المقاطعين أطلقوا النار على أقدامهم نكاية ببري، "إذ استخدموا سلاح المقاطعة رغم معرفتهم بآثاره السلبية على انتظام العمل التشريعي والإصلاحي".
ويضيف العارفون أن الضغط على بري لتعديل مادة تصويت المغتربين لن يغيّر موقفه، "فهو مقتنع بأنّ الظروف في عدد من دول الاغتراب لا تتيح تكافؤ الفرص بين الناخبين والمرشحين، وبالتالي يصعب تطبيق مبدأ اللعب النظيف في الخارج”.
ويخلص المراقبون إلى أنّ توازنًا سلبيًا يحكم المجلس في المرحلة الراهنة، إذ إنّ الرئيس بري قادر على منع تمرير تعديل قانون تصويت المغتربين، فيما معارضوه قادرون على تعطيل أيّ تشريع آخر.
أما الحلّ، وفق مصادر نيابية، فلن يكون إلا عبر التوافق والتسويات السياسية، وإلا فإنّ المأزق سيبقى قائمًا وقد يتفاقم في المرحلة المقبلة.