المحلية

ليبانون ديبايت
الأربعاء 29 تشرين الأول 2025 - 11:20 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

حراك دبلوماسي محتدم... صمت أورتاغوس يثير التساؤلات: هل تحمل الأبواب المغلقة تحذيرات خفية؟

حراك دبلوماسي محتدم... صمت أورتاغوس يثير التساؤلات: هل تحمل الأبواب المغلقة تحذيرات خفية؟

"ليبانون ديبايت"

يشهد لبنان هذا الأسبوع حراكًا دبلوماسيًا لافتًا، داخليًا وإقليميًا، يأتي مباشرة بعد التطورات الميدانية الأخيرة التي رفعت فيها إسرائيل منسوب ضرباتها ضد عناصر وقياديين محلّيين محسوبين على "حزب الله". وإذا ما جرى احتساب عدد المستهدفين خلال أقل من أسبوع، يمكن الحديث عن نحو 12 شخصًا سقطوا بين قتيل وجريح، ما يعكس تحوّلًا واضحًا في نوعية وكثافة الاستهدافات الإسرائيلية.

في هذا السياق، رأى الكاتب والمحلّل السياسي علي حمادة، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنّ "هذا التصعيد الإسرائيلي لا يأتي بمعزل عن سردية تعمل تل أبيب على بنائها وترويجها، مفادها أنّ حزب الله أعاد خلال الفترة الماضية بناء وتفعيل قدراته العسكرية، وجنّد مقاتلين جدد، وفعّل منظومة تسلّح متجدّدة، إلى جانب ترميم البنى التحتية والمواقع العسكرية، خصوصًا شمال الليطاني وعلى امتداد الأراضي اللبنانية".


وأضاف: "اللافت في هذا السياق أنّ بعض الخطاب العلني الصادر عن الحزب، من الأمين العام وصولًا إلى إعلاميين ومنظّرين محسوبين عليه، يذهب في الاتجاه نفسه ويكرّر أنّ الحزب استعاد كامل قوّته وأنّه جاهز للمواجهة. هذا الخطاب، وإن كان موجّهًا إلى الداخل أو إلى جمهور المقاومة، إلا أنّه يصبّ عمليًا في تعزيز الرواية الإسرائيلية، ليُشكّل مادة داعمة لما تروّجه إسرائيل في إعلامها ومراكز أبحاثها".


وتابع: "لقد استغلّت إسرائيل ذلك بشكل واضح، فرفعت وسائل إعلامها ومراكز الأبحاث – وعلى رأسها مركز Alma Research Center – من وتيرة التقارير التي تتناول مسارات تهريب الأسلحة من العراق إلى سوريا فلبنان، إلى جانب الحديث عن منشآت وتجهيزات يُقال إنّ الحزب أعاد إحياءها".

وأشار إلى أنّ "هذه التطورات دفعت خلال الساعات الماضية إلى حركة دبلوماسية نشطة في بيروت، كان أبرزها وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم الإثنين، حيث بدأت سلسلة لقاءات شملت رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام".


ورأى أنّ "الملاحظة الأبرز في زيارة أورتاغوس هذه المرّة كانت غياب الظهور الإعلامي بالكامل: لا صور، لا مقاطع فيديو، ولا تصريحات. وهذا يعكس بوضوح حساسية الملفات التي طُرحت، ورغبتها في تجنّب تحويل أيّ تصريح إلى مادة للتأويل أو للمزايدات السياسية، خصوصًا في مرحلة دقيقة يمكن أن تتحول فيها أي كلمة إلى رسالة خاطئة أو سبب لانزلاق غير محسوب".


وأوضح حمادة أنّ "صمت أورتاغوس خلال زيارتها خلق فراغًا استُغلّ إعلاميًا بشكل منسّق، فظهر خطابٌ يُروّج بأنّ لا تصعيد قادم وأنّ الحرب لن تقع، وهو خطاب غير دقيق ويقوم على تفسير خاطئ لغيابها الإعلامي".


وأضاف: "طريقة تعاطيها مع الإعلام تدلّ بوضوح على أنّ ما نوقش كان كلامًا عميقًا وحسّاسًا لا يحتمل التأويل، إذ فضّلت أن تبقي النقاش داخل الغرف المغلقة، بعيدًا عن التداول الإعلامي، تجنّبًا لأي استغلال أو قراءة مغلوطة".


وتابع: "اللافت أيضًا كان وصول رئيس المخابرات المصرية إلى بيروت، وهذا ليس تحركًا عاديًا أو زيارة بروتوكولية. رئيس المخابرات في مصر لا يتحرك «من دون سبب» أو «هكذا فجأة». ظهوره في بيروت يعني أنّه جاء حاملًا رسالة محددة، وربما تصوّرًا مصريًا لإطلاق جولة مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل".


وأضاف: "ما يعزز هذا الاحتمال هو حديثه عن توسيع اتفاق شرم الشيخ ليشمل لبنان والاستفادة من آلياته، ما يوحي بأنّ القاهرة تحاول لعب دور الوسيط المهدّئ، بهدف احتواء التوتر المتصاعد، لأنّ التوتر حقيقي جدًا وليس مجرد “تهويل إعلامي” كما يحاول البعض تصويره".


وأردف: "من يدّعي أنّ لا شيء يحدث، أو أنّ ما يجري «مجرد حرب أعصاب»، يتجاهل الوقائع الميدانية. لقد سمعنا هذا الكلام سابقًا، قبل اغتيال فؤاد شكر، ثم رأينا كيف تدرّجت الأمور وصولًا إلى ما يشبه حرب الستة وستين. في كل مرة كان يُقال "تهويل… تهويل…"، وفي النهاية كانت الوقائع تفرض نفسها".


وتابع: "المستغرب اليوم أن هناك مثقفين وأكاديميين يردّدون خطاب "لا تصعيد" وكأنهم لا يرون ما يجري على الأرض. هذه ليست تكهّنات ولا دعاية ولا حرب معنوية؛ هذه حقائق ميدانية يراها الجميع. والسؤال الذي يطرح نفسه: من يدير هذه الخطابات الإعلامية لدى حزب الله وحلفائه؟ ومن يقرّر متى نقول "هدوء" ومتى نقول "تهويل"؟".


وأشار حمادة إلى أنّ "هناك منذ منتصف الصيف تزايدًا في أداء الحكومة والدولة حيال ملف نزع سلاح حزب الله، يقابله تسارع في إعادة بناء القدرات الحزبية خارج منطقة جنوب الليطاني. ويبدو أنّ هناك استراتيجية قائمة على ترك الجنوب مؤقتًا لكسب الوقت وتعزيز القدرات في مناطق أخرى، وخصوصًا شمال الليطاني، على أن يُعاد لاحقًا تثبيت النفوذ هناك تحت ستار الجمعيات والأهالي ومؤسسات الدولة".


وأوضح أنّ "هذا يفسّر جزئيًا الحذر الدبلوماسي وغياب البيانات العلنية، ويُظهر مدى حساسية المشهد".


وأضاف: "بالنسبة لمسار التفاوض، هناك احتمالان مطروحان:


تواصل مباشر بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، يُناقش فيه الوضع العسكري والأمني.


تفاوض غير مباشر عبر لجنة “الميكانزم”، التي أُعيد تفعيلها لبحث احترام وقف إطلاق النار وفق ما تقرّر في اجتماع 27 تشرين الثاني الماضي".


وأوضح أنّ "الدولة اللبنانية تميل إلى الخيار الثاني، أي التفاوض غير المباشر، لأنه يخفّف عنها الضغوط الداخلية، خصوصًا من قبل حزب الله وبيئته، فيما التفاوض المباشر قد يخلق صدامًا سياسيًا لا يمكن للحكومة تحمّله".


وأشار إلى أنّ "الملف تجاوز البعد العسكري البحت، وبات يتداخل مع ترتيبات سياسية وأمنية أوسع، وربما قواعد اشتباك جديدة. لذلك من غير المستبعد توسيع تركيبة الوفود المشاركة في لجنة الميكانزم لتضمّ شخصيات سياسية ودبلوماسية إلى جانب العسكرية، ما يمنح التفاوض بعدًا أمنيًا–سياسيًا متلازمًا".


وختم حمادة بالقول: "إنّ تمسّك حزب الله بسلاحه شمال الليطاني وتصريحاته المتكرّرة حول إعادة بناء قدراته، يمنح إسرائيل الذرائع للاستمرار في استهداف عناصره ومواقعه، وسط رضى أميركي ودولي ضمني يقوم على قاعدة: دعوهم في هذا الإيقاع، وعندما تنضج الظروف يبدأ الضغط الحقيقي. لذلك لا انسحابات ولا وقف للضربات في المدى المنظور، وإن قرّر الحزب الردّ كما يلوّح في خطابه، فنحن أمام مرحلة مختلفة تمامًا يصعب التنبؤ بمسارها أو نتائجها".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة