في ظلال الجرائم الخفية التي تهدد إنسانية المجتمعات، تبرز قضية الاتجار بالبشر في العراق كواحدة من أخطر التحديات الأمنية والاجتماعية في العصر الحديث. إذ تنشط شبكات منظمة تتخفّى خلف أقنعة متعددة مثل فرص العمل، والهجرة، والعلاج، لاستدراج ضحاياها نحو عالم من الاستغلال والابتزاز.
وبينما تواصل الدولة العراقية جهودها لملاحقة المتورطين، يخوض المواطن العراقي معركة وعي ومسؤولية في مواجهة جريمة تتربّص بالبسطاء والأضعف في المجتمع، وفق ما يؤكد المراقبون.
وبحسب التصريحات الحكومية، نفذت وزارة الداخلية أكثر من 18 عملية خارج العراق، بدعم مباشر من الحكومة الحالية بقيادة وزير الداخلية، الذي عزّز مديرية مكافحة المخدرات بالكوادر والتقنيات الحديثة والعجلات والصلاحيات اللازمة.
وقال المتحدث باسم الوزارة العقيد عباس البهادلي في حديث لوكالة سبوتنيك: "تم تفكيك 96 شبكة استغلال جنسي راح ضحيتها 99 شخصاً، وصدر حكم قضائي بحق 276 متورطاً، بالإضافة إلى 220 شبكة دولية للإتجار بالبشر راح ضحيتها 91 شخصاً حتى تاريخه، وتمت محاكمة 24 متورطاً في هذه الجرائم".
وأضاف، "كما تم تفكيك 22 شبكة للمتاجرة وتهريب العمالة الأجنبية والمهاجرين راح ضحيتها 91 شخصاً، مع صدور أحكام ضد 13 متورطاً، بالإضافة إلى تفكيك 16 شبكة للتسول أسفرت عن 39 ضحية، مع صدور 37 حكماً قضائياً بحق المتورطين".
وتنتشر في بعض المناطق، خصوصاً في بغداد، شبكات منظمة تستغل الضحايا في أعمال التسول، في ظل غياب إحصاءات رسمية دقيقة من قبل السلطات حول أعدادهم الفعلية.
في المقابل، أكد اللواء مصطفى الياسري، مدير مكافحة الاتجار بالبشر في العراق، أن الإنجازات المحققة لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة جهود حثيثة وتعاون مستمر بين الجهات الأمنية والقضائية، إلى جانب تنسيق فعّال مع المؤسسات الدولية عبر اجتماعات وتوقيع مذكرات تفاهم لتبادل المعلومات وإلقاء القبض على المتورطين.
وأضاف، "الجهود الأخيرة أثمرت عن الكشف عن عدد من الشبكات الإجرامية داخل العراق وخارجه، من بينها شبكات تعمل في مجالات الاتجار بالبشر والسحر والشعوذة"، مؤكداً أن عام 2025 شهد تفكيك عدد كبير من هذه الشبكات بجهود استخبارية دقيقة.
ودعا الياسري المواطنين إلى عدم الانخراط أو التعامل مع أي نشاط يتعلق بالسحر والشعوذة، مشدداً على أن كل من يثبت تورطه في هذه الممارسات سيُحاسب وفق القانون.
من جهته، أفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أن الشرطة السويدية أكدت أن جهودها الأخيرة في مكافحة شبكات الاتجار جاءت نتيجة التعاون الأمني الوثيق بين بغداد وستوكهولم، وذلك بعد زيارة الوزير الشمري إلى العاصمة السويدية مؤخراً.
وأشار البيان إلى أن وزارة الداخلية العراقية وقّعت العديد من مذكرات التعاون والتفاهم مع عدد من الدول العربية والصديقة، ما كان له أثر إيجابي في تفكيك الشبكات الإجرامية وتسليم المطلوبين دولياً.