تلقّت إسرائيل صفعة سياسية موجعة من قلب أوروبا، بعد أن مُني زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز، أحد أكثر السياسيين الأوروبيين قرباً من تل أبيب ودفاعاً عن سياساتها، بهزيمة مدوّية في الانتخابات البرلمانية الهولندية، خاسراً 12 مقعداً وموقع حزبه كأكبر كتلة في البرلمان.
فيلدرز، الذي اشتهر بخطابه المعادي للمسلمين والمهاجرين، بنى علاقات وثيقة مع شخصيات في الحكومة الإسرائيلية، وكان أحد أبرز الداعمين لسياساتها ضد إيران وحركات المقاومة في المنطقة، حتى لُقّب في الأوساط السياسية الأوروبية بـ"صوت إسرائيل في أوروبا". إلا أن الناخب الهولندي وجّه له هذه المرة رسالة حاسمة، مطيحاً بحزبه إلى المرتبة الثانية بعد حزب الوسط الليبرالي (D66).
وبحسب النتائج الأولية، حقّق الحزب الليبرالي فوزاً كبيراً رافعاً مقاعده من 9 إلى 27، ما يمهّد الطريق أمام زعيمه روب جِيتِن ليصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ هولندا، وأول رئيس وزراء مثليّ علناً، في تحول اجتماعي وسياسي غير مسبوق في بلد يُعدّ من أكثر الدول الأوروبية انفتاحاً.
ورغم محاولة فيلدرز التخفيف من وقع الهزيمة بالقول إن "الناخبين قالوا كلمتهم، وسنبقى قوة مؤثرة في البرلمان"، إلا أن النتيجة مثّلت نكسة قاسية للتيار القومي اليميني الذي تبنّى خطاباً عنصرياً وعدائياً، وأعادت رسم المشهد السياسي في أوروبا الشمالية نحو الاعتدال والليبرالية.
وفي حين تتابع إسرائيل التطورات بقلق واضح، يرى مراقبون أن خسارة فيلدرز تضعف جناحها السياسي في أوروبا الذي كان يعوّل عليه في الدفاع عن مصالحها داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في ظل تنامي الأصوات المنتقدة لسياستها في الشرق الأوسط.
بهذا التحول، تكون هولندا قد أغلقت صفحة اليمين المتطرف وفتحت مرحلة جديدة يقودها تيار وسطي منفتح، لتبدأ مرحلة سياسية تعكس صورة أوروبا التي تتجاوز الانغلاق القومي نحو مستقبل أكثر تعددية وانفتاحاً.