وفي ظلّ المشهد الحدودي المتفلّت وتزايد الخروق الإسرائيلية جنوبًا، استقبل الرئيس عون في قصر بعبدا قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ووجّه إليه طلبًا واضحًا وصريحًا: التصدّي لأيّ توغّل إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية المحرّرة، دفاعًا عن الأرض والمواطنين.
هذا الموقف الذي حمل لهجة حاسمة أعاد إلى الواجهة ملف صلاحيات الجيش ودور الدولة في حماية حدودها، وسط انقسامٍ سياسي مزمن حول مسألة السلاح والدفاع الوطني.
انقسام في الشارع اللبناني
كالعادة، لم يتوحّد اللبنانيون على موقفٍ واحد. فـ"المنزل الواحد" في لبنان، كما يُقال، يضمّ رأيين نقيضين. وبينما رأى البعض في بيان الرئاسة "إعلان كرامة وطنية"، اعتبر آخرون أنه بيان معنوي بلا ترجمةٍ فعلية على الأرض.
الصحافي والمحلّل السياسي حسن الدرّ وصف القرار بأنه "بيان رئاسي بطعم السيادة والكرامة الوطنية"، وهو توصيف حظي بتأييد شريحة واسعة رأت أنّ مجرّد إعلان المواجهة يشكّل خطوة سياسية تحمل رسالةً قوية.
بيان رئاسي بطعم السيادة والكرامة الوطنية:
— حسن الدّر (@HasanDorr) October 30, 2025
الرئيس جوزاف عون طلب من قائد الجيش العماد رودولف هيكل تصدي الجيش اللبناني لأي توغل اسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة، دفاعاً عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين. وأطلع العماد هيكل رئيس الجمهورية على تفاصيل التوغل الإسرائيلي الذي حصل… https://t.co/tGTSGJWhOf
لكن في المقابل، اعتبرت أصواتٌ معارضة أنّ القرار متأخّر سنةً كاملة عن بدء التصعيد جنوبًا، وكان يُفترض أن يترافق مع خطواتٍ عملية، كتعليق مشاركة لبنان في لجنة الميكانيزم التي وُصفت بأنها "لا تجلب سوى المزيد من الغطاء الدولي لإسرائيل".
تفاعل واسع على مواقع التواصل
على منصة "X"، تلاحقت التعليقات المؤيدة والمعارضة للقرار:
آدم: "بيان وطني ومُغِيظ لأحباب إسرائيل… حتى لو القدرة محدودة، الجرأة بحدّ ذاتها خطوة كبيرة."

داليا: "من بعد سنة و400 شهيد."

ستيفا: "البيان كلامي، السلطة التنفيذية بيد مجلس الوزراء."

محمد فقيه: "إلى أن نرى التطبيق… يبقى كلام مجالس."

بلقيس: "انتظروا سنة ليقرّروا يدافعوا؟ قرار مصدّي."

سامي: "يدًا بيد… مقاومة وجيش في وجه مغول نتنياهو."

علي: قرار جريء ووطني و مُنتظر من ٧٠ سنة!

وكان اللافت تعليق وزير الأشغال السابق علي حمية (عن حزب الله)، الذي اكتفى بقول: "السيادة والكرامة الوطنية"، وأرفقها بهاشتاغ #الجيش_اللبناني، في مؤشرٍ إلى أن الرسالة الرئاسية لاقت ارتياحًا أيضًا لدى بيئة المقاومة.
السيادة والكرامة الوطنية #الجيش_اللبناني https://t.co/GBSwJcDx74
— Ali Hamie | علي حمية (@alihamie_lb) October 30, 2025
بينما رحّب وزير العمل السابق مصطفى بيرم، وهو أيضًا وزير سابق عن حزب الله، بقرار الرئيس عون، معتبرًا إيّاه "موقفًا متقدّمًا وشجاعًا" من فخامة الرئيس في ما يتعلّق بوجوب تصدّي الجيش اللبناني للتوغّلات الإسرائيلية.
وقال بيرم: "إنّ هذا الموقف يؤكّد أنّ العدو هو من يخرق ويعتدي، ويُظهر وهن لجنة الميكانيزم، كما سيفضح نفاق الذين يتبنّون سردية عدوّ الوطن وتنصّل الدول الضامنة من التزاماتها."
وختم بالقول: "إنّه موقف سيكون له ما بعده على صعيد تجميع عناصر القوة في لبنان."
في المقابل، تساءل آخرون عن الإمكانيات الفعلية للجيش، مشدّدين على أن التصدي لا يمكن أن يتحقق ما لم تُستكمل ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، أو يُصار إلى تسليح الجيش جدّيًا.
بين السيادة والواقع
بين لغة السيادة التي حملها خطاب الرئيس، وواقع الميدان الذي يفرض حساباتٍ دقيقة بين الداخل والخارج، يبقى القرار محطّ ترقّب: هل سيتحوّل إلى فعل؟ أم يُضاف إلى سلسلة بياناتٍ سياسية تبقى في إطار المعنويات؟
في المحصّلة، يبقى سؤالٌ واحد مفتوحًا أمام اللبنانيين:
هل كان قرار الرئيس خطوة في مكانها تعبّر عن كرامة وطنية؟ أم جاء متأخّرًا وبلا أدوات تنفيذية؟
 
                                                                                                         
                         
                                 
             
             
             
             
                    
                     
                    
                     
                    
                     
                    
                     
                    
                     
     
    
    