أشعل تقرير نشرته وكالة أنباء "رويترز" تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ادعت فيه أن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وجّه توبيخاً لشخصيات مقربة منه بسبب مظاهر الثراء الفاحش التي ظهرت في محيطه.
وقالت الوكالة في تقريرها المتداول إن الشرع قال: "لم أكن أعلم أن رواتب الحكومة مرتفعة إلى هذا الحد!"
وأضافت "رويترز"، "مازح الرئيس السوري أحمد الشرع بعد وصول أكثر من مئة من الموالين إلى قاعدته السابقة، وكثير منهم كانوا يستقلون سيارات دفع رباعي فاخرة، قائلاً: ’هل نسيتم أنكم أبناء الثورة؟‘"، مشيرةً إلى أن الشرع وبّخ المسؤولين وقادة الأعمال المتجمعين وفقاً لشخصين حضرا اللقاء، لافتة إلى العدد الكبير من سيارات كاديلاك إسكاليد ورينج روفر وشيفروليه تاهو المتوقفة في الخارج.
ونقلت الوكالة أن الشرع قال للحاضرين في الجلسة بصورة مباشرة: "هل أُغريتم بهذه السرعة؟"
وأضافت الوكالة أنه، وفيما يتعلق بعائلة الشرع، فإن "شقيقين أكبر سناً يشغلان مناصب عليا في الحكومة الجديدة"؛ إذ يشرف حازم الشرع على الأعمال والاستثمارات الأجنبية والمحلية في سوريا، بما في ذلك عمل مقاتلي المعارضة السابقين المكلّفين بإصلاح الاقتصاد السوري، بينما يشغل ماهر الشرع، طبيب أمراض نسائية يحمل جنسية مزدوجة سورية – روسية، منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ويرأس الاجتماعات الرسمية ويشارك في المحادثات مع كبار الشخصيات الأجنبية، من بينها اجتماع الشرع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو هذا الشهر.
ونقلت "رويترز" عن مسؤولين سوريين أن اعتماد الشرع على أقاربه والمقربين منه جاء نتيجة الحاجة إلى سد الثغرات في إدارته الجديدة بسرعة بعد الانهيار غير المتوقع لحكومة الأسد، فيما رأى النقاد أن ذلك يشكل "محاكاة مقلقة لحكم العائلة" الذي كان سائدًا في النظام السابق.
وتابعت الوكالة، "لكن شقيقًا أكبر آخر – جمال الشرع، وهو رجل أعمال – قد وقع في مرمى حملة الشرع الوليدة لمكافحة الفساد، وفقًا لستة أشخاص مطلعين على الأمر، من بينهم مسؤولون حكوميون ورجال أعمال".
وأضاف التقرير أن الشرع كان قد أصبح مقاتلاً أجنبياً في أوائل العشرينيات من عمره، إذ عبر الحدود إلى العراق لمحاربة الأميركيين خلال غزو عام 2003، ما أدى إلى اعتقاله في سجن معسكر بوكا الذي تديره الولايات المتحدة، والذي تحوّل لاحقًا إلى مركز تجنيد للجماعات المتطرفة.
وبعد إطلاق سراحه، عاد الشرع إلى سوريا وبدأ القتال ضد نظام بشار الأسد بدعم من أبو بكر البغدادي، مؤسس تنظيم "داعش". وفي سوريا، أسس الشرع جبهة النصرة التي بايعت تنظيم القاعدة قبل أن ينفصل عنها عام 2016، وفقاً لتحليلات مركز القوات البحرية الأميركي.
ومنذ ذلك الحين، وعلى عكس القاعدة التي روجت لفكرة الحرب العالمية المقدسة، ركزت جماعة الشرع، المعروفة الآن باسم "هيئة تحرير الشام" (HTS)، على مهمة أكثر واقعية تمثلت في حكم مناطق واسعة من شمال غرب سوريا – خصوصاً محافظة إدلب – وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، بحسب الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة آرون زيلين، مؤلف كتاب عن الهيئة.
وأشار التقرير إلى أن الشرع، الذي قاد "هيئة تحرير الشام"، كان الزعيم العسكري والسياسي الذي قاد الهجوم الخاطف العام الماضي وأدى إلى الإطاحة ببشار الأسد بعد عقود من حكمه، ليصبح لاحقًا رئيسًا مؤقتًا لسوريا، مكلفًا بمهمة إعادة بناء بلدٍ دمّرته الحرب الأهلية لأكثر من عقد، تسببت بمقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد ملايين آخرين، وفقاً للأمم المتحدة.
واندلع الصراع السوري في الربيع العربي عام 2011 عندما قمع النظام السابق انتفاضة مؤيدة للديمقراطية، قبل أن تتطور إلى حرب شاملة جذبت قوى إقليمية ودولية من السعودية وإيران إلى الولايات المتحدة وروسيا، ما مكّن تنظيم "داعش" من تحقيق مكاسب واسعة قبل أن يتراجع لاحقاً.