بحسب تقرير نشره موقع N12 الإسرائيلي، تسود أوساط حركة حماس حالة من القلق المتصاعد من احتمال أن تشهد غزة سيناريو مشابهاً لما حدث في لبنان بعد وقف إطلاق النار، في ظلّ استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال مركّزة ضد قادة حزب الله في الجنوب اللبناني، حيث تجاوز عدد الذين قُتلوا منذ التهدئة أكثر من 320 عنصراً، وفق التقديرات الإسرائيلية التي نقلها الموقع.
وفي هذا السياق، نقلت N12 عن القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق قوله إنّ حماس مستعدة "لمناقشة ترتيبات أمنية تشمل إنشاء منطقة عازلة أو نشر قوة دولية"، لكنه شدّد في الوقت نفسه على أنّ "نزع السلاح الكامل سيؤدي إلى تفكك داخلي وفوضى، لا إلى أمن أو استقرار"، على حدّ تعبيره.
أبو مرزوق قال في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، بحسب ما أوردت N12: "يقولون إنّهم يريدون نزع سلاحنا لمنع تكرار ما حدث في 7 تشرين الأول، ولحماية المستوطنات المحاذية لغزة، لكن نزع السلاح لن يحقق الأمن بل سيُنتج الفوضى. حماس هي القوة التي تسيطر على القطاع، وإذا جرى تفكيكها فمن سيملأ الفراغ؟ سنشهد ظهور جماعات أكثر تطرّفاً كما حدث في العراق بعد حلّ الجيش، وسنغرق في الفوضى بدل الهدوء".
وأضاف: "إذا فُرضت قوة خارجية لتفكيك السلاح والسيطرة على غزة، فذلك يعني استبدال قوة بقوة أخرى ذات أجندة مختلفة. لذلك نؤكد أن أي قوة تُقام في غزة يجب أن تكون فلسطينية وبإدارة فلسطينية، وإلاّ سيُنظر إلى أي قوة أجنبية كاحتلال جديد".
وأوضح القيادي في حماس أنّ حركته "ترفض نزع السلاح الكامل، لكنها منفتحة على الحوار حول أي ترتيبات أمنية تضمن الاستقرار"، قائلاً: "إذا جرى الحديث عن منطقة عازلة بعمق 500 إلى 600 متر أو عن وجود قوة دولية لمراقبة الوضع، يمكننا مناقشة ذلك. لكن القول بنزع السلاح بالكامل لن يؤدي إلا إلى انهيار المنظومة الأمنية والاجتماعية في غزة".
وحين سُئل عن مستقبل الأسلحة الهجومية، مثل الصواريخ طويلة المدى القادرة على الوصول إلى تل أبيب، رفض أبو مرزوق الإجابة المباشرة، مكتفياً بالقول: "كل شيء يجب أن يكون ضمن نقاش شامل، هدفه حماية مصالح الجميع – الفلسطينيين، الوسطاء، والإسرائيليين أيضاً".
أما بشأن إدارة القطاع، فأوضح أن حماس لا تمانع تسليم الشؤون المدنية إلى السلطة الفلسطينية: "هذا نوقش في القاهرة، ووافقنا على أن تكون اللجنة الإدارية تحت إشراف السلطة، وأن تتولى إدارة المعابر والمؤسسات المدنية. ليست لدينا مشكلة في أن يدير الفلسطينيون أنفسهم، لكن المشكلة في الرفض الإسرائيلي". وأضاف: "حتى السلطة لديها شروط، ونحن نقول فلنتحدث عنها بجدية، لا عبر الإعلام أو الشعارات، بل من خلال حوار حقيقي".
ميدانياً، أفادت مصادر فلسطينية – وفق ما نقل موقع N12 – بأن فرق الصليب الأحمر الدولي واصلت، لليوم الرابع على التوالي، عمليات البحث في حي الشجاعية بمساعدة معدات ثقيلة مصرية للعثور على جثث الأسرى والجنود الإسرائيليين القتلى. وقالت مصادر إسرائيلية إنّ هذا البطء في تسليم الجثامين يُستخدم من قبل حماس كورقة ضغط ومناورة لاستنزاف الأعصاب داخل إسرائيل.
في المقابل، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بحسب التقرير، أنّ القوات قتلت مقاتلين اثنين من حماس بعد أن عبرا ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" في وسط قطاع غزة واقتربا من الجنود بطريقة "شكّلت تهديداً مباشراً"، مشيراً إلى أنّ "الجيش تحرّك فوراً لإزالة التهديد".
وتؤكد أوساط أمنية إسرائيلية، كما نقلت N12، أنّ حماس باتت تدرك أنّ المرحلة التالية لوقف النار "قد تكون الأخطر"، إذ ترى أن إسرائيل تستغل الهدوء النسبي لإعادة بناء منظومتها الاستخبارية داخل غزة، ومتابعة تحركات عناصرها لتصفية أبرزهم لاحقاً. وفي هذا الإطار، حذّرت أجهزة الأمن التابعة لحماس عناصرها من "أن ما بعد وقف إطلاق النار أخطر من المواجهة نفسها"، داعيةً إلى الحذر في الاتصالات، وتجنّب الحديث عبر التطبيقات الرقمية أو في الأماكن العامة.
وتشير N12 إلى أنّ حالة القلق داخل حماس تتزايد كلما اتسع نموذج "ما بعد الحرب" في لبنان، حيث تستمر إسرائيل في تنفيذ عمليات دقيقة ضد أهداف محدّدة من دون العودة إلى حرب مفتوحة. هذا السيناريو، تقول المصادر الإسرائيلية للموقع، هو ما تخشاه حماس تماماً – أن تُدار غزة بعد وقف النار على الطريقة اللبنانية: اغتيالات، اختراق استخباري، وتفكيك تدريجي للبنية العسكرية تحت غطاء "التهدئة".