المحلية

ليبانون ديبايت
الخميس 06 تشرين الثاني 2025 - 07:25 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

رفع الردم في الجنوب: من معركة الصمود إلى معركة الشفافية… تلزيمات ملتبسة

رفع الردم في الجنوب: من معركة الصمود إلى معركة الشفافية… تلزيمات ملتبسة

“ليبانون ديبايت”


في الجنوب الذي دفع ثمن العدوان ببيوته وأحلام ناسه، انطلقت ورشة رفع الأنقاض كخطوة أولى لإعادة الحياة إلى القرى والبلدات. غير أنّ هذه الورشة، بدل أن تكون عنواناً للثقة والمناقبية، بدأت تثير أسئلة جوهرية حول سلامة إدارة المال العام، وحسن تطبيق القوانين، وغياب الرقابة الفنية والبيئية في ملف يُفترض أن يكون نموذجاً في النزاهة بعد كارثة وطنية.

تلزيمات مجلس الجنوب… أرقام صحيحة وممارسات مشوبة بالالتباس


وفق العقود الموقّعة، رسا التلزيم على:

• شركة المهندس إيلي نعيم معلوف – 3.12 دولار/المتر المكعب في قرى قضاء بنت جبيل.

• مؤسسة بيتا للهندسة والمقاولات (BETA) – 3.61 دولار/المتر المكعب في مدينتي النبطية وصور.

• 2.30 دولار/المتر المكعب في قرى مرجعيون، وأغلب قرى قضاء صور، وأقضية صيدا – جزين – النبطية (ما عدا مدينة النبطية)، والبقاع الغربي وحاصبيا.


الأرقام دقيقة، لكن في التطبيق تظهر ثغرات خطيرة تنسف فلسفة المناقصة.


تجاوز دفاتر الشروط: تلزيمات فرعية وآليات مستعارة

دفتر الشروط واضح: الآليات يجب أن تكون عائدة للمتعهدين أنفسهم لضمان الجهوزية والمحاسبة.

لكن واقع التنفيذ يُظهر أن الجزء الأكبر من الآليات يعود لأفراد وشاحنات خاصة جرى تشغيلها خارج الأصول، وترافق ذلك مع حديث عن إعداد لوائح أضرار للتعويض عن آليات لا تعود للمتعهدين أصلاً، وهو باب واسع للهدر والتربّح غير المشروع.


ملحق “الهدم الفني”: محاولة لرفع الكلفة وتوسيع النفقة

يعمل مجلس الجنوب على إعداد ملحق تعاقدي تحت عنوان “الهدم الفني” يتضمن:

• فروقات أسعار مضاعفة لهدم الوحدات المتضرّرة جزئياً.

• إدراج أعمال غير منصوص عليها في العقد الأصلي.

• توسعة مالية خارج شروط المناقصة.


وذلك بما يخالف:


• قانون المحاسبة العمومية (المواد 148 و150 و159).

• قانون الشراء العام (المواد 4 و41 و64 و76).


أي إننا أمام محاولة لتعديل السعر وشروط المناقصة بعد الفوز بها، بما يثقل على المال العام ويضرب مبدأ المنافسة.


الاستشاري الغائب الحاضر… والبيئة آخر الهموم

الاستشاري المكلّف بالإشراف والمراقبة يُفترض أن يكون خط الدفاع الأول عن المال العام، لكن في هذه الورشة يظهر دوره باهتاً وملتبساً:

• لا يدقّق الكميات الفعلية المرفوعة.

• لا يتحقّق من ملكية الآليات.

• لا يراقب الجودة والشروط الفنية.

• لا يفرض إجراءات الفرز والمعالجة للأنقاض.


النتيجة؟


رقابة صورية تسمح بتمرير أعمال وفواتير دون ضوابط.


أما بيئياً، فتُرمى كميات ضخمة من الردم في:

• أراضٍ مفتوحة.

• مشاعات عامة.

• ملاعب.

• مناطق قريبة من مجاري المياه والمناطق الزراعية.


وذلك في مخالفة لحق المواطن ببيئة سليمة، ولواجب الدولة في إدارة مخلفات الكوارث وفق معايير علمية.

وفي هذا الملف، تغيب وزيرة البيئة عن أداء دورها الطبيعي في وضع الأصول الإلزامية ومراقبة تطبيقها، وكأن البيئة ليست جزءاً من إعادة الإعمار بل هامش يمكن التغاضي عنه.


بين الإعمار والمحاسبة… الجنوب لا يحتاج إلى إعمار فاسد


إعادة الإعمار ليست مناسبة لتوزيع غنائم أو فتح خطوط تمويل موازية خارج القانون. الجنوب الذي واجه العدوان بصمود شعبه، لا يجوز أن يواجه اليوم اعتداءً على ماله العام وبيئته وحقوقه تحت عنوان الإغاثة.


ما يجري يتطلّب تدخّل:

• ديوان المحاسبة.

• هيئة الشراء العام.

• التفتيش المركزي.

• النيابة العامة المالية.


لوقف أي انحراف في إدارة عقود الإغاثة قبل استفحالها.


الجنوب يستحق إعماراً نظيفاً، فالمعركة الآن ليست فقط ضد أنقاض البيوت، بل ضد أنقاض الثقة. ومثلما قاوم الجنوب الاحتلال، يجب أن يقاوم اليوم كل محاولة لنهب إعادة الإعمار.

الجنوب لا يحتاج إلى مقاولين محظيّين، بل إلى دولة قانون.

ولا يحتاج إلى ملحقات عقود، بل إلى شفافية وضمير ورقابة.

ولا يحتاج إلى دفن الركام فقط، بل إلى دفن عقلية الاستفادة من الكوارث.

إعادة إعمار الجنوب ليست صفقة… بل حق وشرف ومسؤولية وطنية.خ

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة