تشهد إسرائيل تصاعداً في التوتر بين الحكومة والجيش على خلفية أزمة تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) في الخدمة العسكرية، بالتزامن مع نقصٍ متزايد في القوى البشرية داخل الجيش واحتدام النقاش حول الامتيازات المالية للعسكريين.
فقد صادق الوزراء في إسرائيل، الأحد، على حزمة مساعدات جديدة لموظفي الخدمة الدائمة والإلزامية، في حين تضغط وزارة المالية باتجاه خفض الإنفاق العسكري، ما أثار اعتراضاً واضحاً من قيادة الجيش التي اعتبرت التوقيت "حرجاً" بعد انتهاء الحرب الأخيرة.
وقال متحدث باسم الجيش إنّ المؤسسة العسكرية "لن تسمح بالمساس بشروط الخدمة أو بإلغاء الاتفاقات السابقة"، مضيفاً أنّ رئيس الأركان إيال زامير "لن يوافق على أي تعديل يضرّ بالعسكريين النظاميين الذين خدموا في غزة ولبنان طوال العامين الماضيين".
وخلال جلسة الحكومة، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تخصيص صندوق مساعدة اقتصادية ومنح سكنية وحوافز مالية للعسكريين، مؤكداً: "نقدّر تضحياتهم خلال حرب النهوض، ونعلن يوماً وطنياً لتكريم موظفي الجيش".
في المقابل، حذّر الجيش من أنّ التخفيضات المقترحة من وزارة المالية قد تكون "مجرد مناورة سياسية لإظهار التنازلات"، مشدّداً على أنّه "لا يمكن إعطاء باليد وأخذ باليد الأخرى".
وأشار بيان الجيش إلى خطة “شجرة الحقل” التي أُعدّت خلال الأشهر العشرة الماضية لتوفير حلول إسكان ودعم أكاديمي وخدمات رقمية للعسكريين النظاميين.
في موازاة الأزمة المالية، تتفاقم أزمة إعفاء طلاب المدارس الدينية المتشددة من الخدمة الإلزامية، ما يثير انقساماً داخلياً واسعاً.
فالجيش يقدّر أنه جنّد نحو 3000 متدين فقط بين حزيران 2024 وتموز 2025، في حين يتوقع أن يرتفع عدد المتخلفين عن الخدمة إلى 17 ألفاً العام المقبل.
وقال العميد شاي طييب، رئيس قسم القوى البشرية في الجيش، إنّ إسرائيل تواجه "نقصاً خطيراً في القوى العاملة"، موضحاً أنّ الجيش يحتاج إلى 12 ألف جندي إضافي بينهم 7000 مقاتل لتغطية النقص المتوقع بحلول عام 2027.
وأضاف أنّه في ظل النمو السكاني، "يجب الاستعداد لزيادة مدة الخدمة إلى 36 شهراً، مع 70 يوماً من الخدمة الاحتياطية سنوياً".
من جهته، شدّد عضو الكنيست إليعازر شتيرن على أنّ "الاعتقالات ليست مهمة الجيش"، داعياً إلى إيجاد حل تشريعي لتجنيد الحريديم بدلاً من "عمليات المداهمة ضد الفارين".
ويأتي هذا الجدل في وقت يسعى فيه نتنياهو إلى تسريع إقرار قانون الإعفاء من التجنيد قبل الانتخابات المقبلة، وسط تحذيرات من أنّ استمرار الأزمة قد يهدد استقرار الائتلاف الحكومي.
وتطالب المحكمة العليا الإسرائيلية بإنهاء الإعفاء الواسع لطلاب المدارس الدينية، معتبرة أنّه يشكّل خرقاً لمبدأ المساواة في "تقاسم العبء الوطني".
ويحذّر مراقبون من أنّ تفاقم الأزمة سيُدخل إسرائيل في مأزق ديموغرافي وأمني، مع تراجع عدد الجنود النظاميين والاحتياطيين، وتنامي نفوذ الجماعات المتشددة داخل الحكومة.