أثار إعلان كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة "حماس" – عن استخراج جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن من أحد أنفاق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، نظراً لما يحمله من رمزية سياسية وأمنية عميقة داخل إسرائيل.
وأوضحت "القسام" أنها انتشلت جثامين ستة من مقاتليها إلى جانب جثة غولدن، الذي يُعد أحد أطول الأسرى الإسرائيليين بقاءً في قبضة المقاومة داخل القطاع، إذ مرّ أكثر من 11 عاماً على أسره خلال معركة العصف المأكول في آب 2014.
ويُنظر إلى غولدن في الأوساط الإسرائيلية كـ"عقدة عسكرية وسياسية"، بعدما فشل جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية طوال عقد في استعادته، سواء بالقوة العسكرية أو عبر التفاوض مع المقاومة.
تباينت التعليقات على إعلان القسام، إذ رأى ناشطون أن استعادة جثة غولدن من رفح تمثل "ضربة معنوية" لإسرائيل، لكونه المفقود الوحيد منذ حرب 2014، فيما اعتبر آخرون أن نجاح المقاومة في الاحتفاظ بجثته طوال هذه المدة داخل أحد الأنفاق، يعكس اقتداراً أمنياً واستخباراتياً استثنائياً.
وأشار مغردون إلى أن وجود ستة شهداء من "القسام" في موقع الانتشال، يوحي بأن المكان لم يكن مجرد نقطة دفن، بل موقع ميداني نشط يحتضن هدفاً ثميناً جرى حمايته لسنوات، مرجحين أن المقاتلين الستة قد قُتلوا حديثاً خلال العدوان الأخير، لا قبل أحد عشر عاماً كما تزعم إسرائيل.
وتداول ناشطون تساؤلات حول مصير غولدن: "هل قُتل يوم أسره في آب 2014 كما تقول تل أبيب؟ أم بقي حيّاً حتى الأيام الأخيرة من الحرب الأخيرة في رفح؟".
واعتبرت تعليقات عديدة أن توقيت إعلان القسام ليس صدفة، بل رسالة مدروسة إلى الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة من عائلة غولدن ومن الرأي العام الإسرائيلي لكشف الحقيقة.
وأشار مدونون إلى أن القسام، المعروف بانضباطه الصارم في إدارة ملف الأسرى، لا يُصدر بياناً من هذا النوع إلا إذا أراد توجيه صفعة سياسية ومعنوية مزدوجة لتل أبيب.
ورأى مراقبون أن الإعلان يبدّد ادعاءات إسرائيل الأخيرة بشأن "السيطرة الكاملة" على رفح، ويؤكد أن المقاومة ما زالت تمسك بخيوط الميدان تحت الأرض رغم القصف المكثف.
وقال أحد المعلقين: "العدو الذي يزعم أنه يعرف كل شيء لم يعرف ما يجري تحت قدميه، فيما أثبتت المقاومة أن المعرفة الحقيقية ليست في الأقمار الصناعية، بل في الإيمان والدقة في الفعل."
وبهذا، يتحول ملف غولدن من قضية أسرى عالقة إلى ورقة سياسية جديدة في يد المقاومة، تفرض على إسرائيل مواجهة فشلها الأمني والمعنوي في حرب العقول والإرادات.