المحلية

ليبانون ديبايت
الاثنين 10 تشرين الثاني 2025 - 07:01 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

ليبانون ديبايت ينشر استطلاعًا انتخابيًا جديدًا يكشف خريطة المتن: انقلاب دراماتيكي في المزاج المسيحي

ليبانون ديبايت ينشر استطلاعًا انتخابيًا جديدًا يكشف خريطة المتن: انقلاب دراماتيكي في المزاج المسيحي

"ليبانون ديبايت" – تقرير خاص


دخلت دائرة المتن مرحلة سياسية مختلفة عن كل الاستحقاقات السابقة، بعدما كشفت دراسة ميدانية حديثة أعدّها الخبير الإحصائي كمال فغالي في تشرين الثاني 2025 عن تحوّلات جوهرية في اتجاهات الناخبين المسيحيين، وعن تبدّل عميق في المزاج العام ضمن واحدة من أكثر الدوائر حساسية في لبنان.

الاستطلاع الذي شمل مختلف شرائح الناخبين المتنيين، باستثناء الناخبين الأرمن، أظهر تغيّرين أساسيين يميزان المشهد الحالي عمّا كان عليه في انتخابات عام 2022: أولًا تراجع التيار الوطني الحر، وثانيًا صعود النائبين إبراهيم كنعان والياس بو صعب بعد انفصالهما عن التيار، وقد تمكّنا من استقطاب جزء كبير من قاعدته السابقة إلى جانب ناخبين من خارج الإطار الحزبي التقليدي.


عند احتساب الأصوات التفضيلية بحسب الانتماء السياسي، سجّل حزب القوات اللبنانية 115 صوتًا، وحزب الكتائب 100 صوت، ولائحة كنعان – بو صعب 94 صوتًا، في حين حصل التيار الوطني الحر على 39 صوتًا. هذه الأرقام أظهرت انتقال الزعامة الانتخابية في المتن إلى أيدي ثلاث قوى جديدة متكافئة تقريبًا.


أظهرت نتائج الدراسة تقدّمًا واضحًا لحزب القوات اللبنانية الذي سجّل 115 صوتًا (بنسبة 13.7%)، يليه حزب الكتائب بـ100 صوت (11.9%)، ثم لائحة كنعان – بو صعب بـ94 صوتًا (11.2%)، فيما تراجع التيار الوطني الحر إلى المرتبة الرابعة بـ39 صوتًا (4.6%). وهذه الأرقام عكست انتقال الزعامة الانتخابية في المتن إلى أيدي ثلاث قوى جديدة متكافئة تقريبًا.


أما على مستوى الأسماء الفردية، فقد تصدّر النائب سامي الجميل القائمة بـ79 صوتًا (9.4%)، متقدمًا على النائب إبراهيم كنعان الذي حل ثانياً ونال 49 صوتًا (5.9%)، والنائب إلياس بو صعب ثالثاً بـ45 صوتًا (5.4%). وحلّت لائحة القوات اللبنانية في المرتبة الرابعة بـ37 صوتًا (4.4%)، تلاها الوزير السابق ملحم رياشي بـ35 صوتًا (4.2%)، فرازي الحاج بـ33 صوتًا (3.9%)، ثم ميشال المر بـ29 صوتًا (3.5%)، والياس حنكش بـ19 صوتًا (2.3%).


وجاء بعدهم بالترتيب: إدي معلوف بـ18 صوتًا (2.2%)، لائحة التيار الوطني الحر بـ13 صوتًا (1.6%)، الإعلامي جاد غصن بـ11 صوتًا (1.3%)، تلتها "الوجوه الجديدة" بـ9 أصوات (1.1%)، فالمستقلون بـ8 أصوات (1.0%). أما إدي أبي اللمع ومنصور فاضل فنالا 6 أصوات لكلٍّ منهما (0.7%)، وأغوب بقرادونيان 4 أصوات (0.5%)، في حين توزّعت النسب المتبقية بين مجموعة من الأسماء مثل سمير صليبا، سركيس سركيس، جوال بو عبود، هاني صليبا، ووليد خوري، بمعدل يتراوح بين 0.1 و0.4%.


اللافت في النتائج أنّ نسبة الذين لم يحسموا خياراتهم الانتخابية لا تزال مرتفعة، إذ قال 32.9% إنهم سيقترعون بورقة بيضاء أو لم يحدّدوا موقفهم بعد، فيما أكد 13.6% أنهم لم يقرروا بعد لمن سيصوّتون، وامتنع 2.3% عن الإجابة، ما يعني أن قرابة نصف الكتلة الناخبة المتنية ما زالت مترددة أو محايدة، وهو ما يفتح الباب أمام تبدّلات إضافية في الخريطة الانتخابية مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي.


تقييم الشخصيات السياسية أظهر تقدّمًا واضحًا لرئيس الجمهورية جوزيف عون الذي حاز على أعلى نسبة ثقة بين الشخصيات كافة بمعدل 6.4 من 10، يليه سامي الجميل بـ4.9، فسمير جعجع ونواف سلام بالتوازي بـ4.6، ثم سعد الحريري بـ3.8، فنبيه بري بـ2.9، فجبران باسيل بـ2.2، ونعيم قاسم بـ2.1. وفي تقييم الأحزاب المسيحية، جاءت القوات اللبنانية والكتائب في المرتبة الأولى بمعدل 4.4 من 10 لكل منهما، فيما نال التيار الوطني الحر معدل 2.4.


تقييم المستطلعين للوضع العام في لبنان جاء قاتمًا، إذ اعتبر 71.9% أن الوضع سيئ أو سيئ جدًا، مقابل 20.7% وصفوه بالمقبول، و3.8% بالجيد، و1% فقط بالجيد جدًا. أما الأداء الحكومي، فاعتبره 45% من المشاركين سيئًا أو سيئًا جدًا، مقابل 36.4% قالوا إنه متوسط، و9.2% جيد، و1.7% جيد جدًا.


وعند السؤال عن المرجعيات الخارجية، تصدّر الفاتيكان القائمة بنسبة 29% كمرجعية معنوية مفضّلة لدى اللبنانيين المسيحيين، فيما قال 14.6% إن لبنان يجب أن يكون مرجعيته بنفسه، واختار 8% الولايات المتحدة، و6.8% فرنسا، و6.7% السعودية، في دلالة على ابتعاد واضح عن المحاور الإقليمية والدولية وتنامي النزعة السيادية الذاتية لدى الناخبين.


في ما يتعلق بالثنائي الشيعي، رأى 36.1% من المستطلعين أن مواقفه لا تخدم مصلحة لبنان، فيما فضّل 27.6% عدم الإجابة، و26.9% لم يحددوا موقفًا، و9.4% قالوا إن الثنائي محقّ في مواقفه. أما الموقف من التطبيع مع إسرائيل، فرفضه 36.3% تأييده بشكل قاطع، في حين أيده 24%، وامتنع 22.5% عن الإجابة، و17.2% قالوا إنهم لا موقف لديهم.


أظهرت الدراسة الإحصائية توزيعًا دقيقًا للعينة التي شملها الاستطلاع، والتي تعكس إلى حدّ كبير التركيبة الاجتماعية والاقتصادية في قضاء المتن. فقد بلغ متوسط عمر المشاركين 45.6 سنة، وتبيّن أن الذكور يشكّلون 64.8% من العينة مقابل 35.2% من الإناث، فيما بلغت نسبة المتزوّجين 69.1%، ما يشير إلى غلبة الفئة الناضجة اجتماعيًا والعاملة اقتصاديًا على مكونات العينة.


من حيث المستوى التعليمي، يحمل 64% من المستطلعين شهادات جامعية أو مهنية، في حين أن 71.2% منهم يعملون بشكل دائم. وتُظهر المعطيات المهنية أن الموظفين الإداريين يشكّلون النسبة الأكبر (39.8%)، يليهم المهنيون المستقلون (17.6%)، ثم العمال (17.3%)، في حين بلغت نسبة الأطباء والمحامين والمهندسين 10.6%، والموظفين الكبار 9.7%، ما يعكس تنوّعًا في الطبقات الاجتماعية ضمن البيئة المتنية.


أما التوزيع الطائفي للعينة، فجاء متناغمًا مع التركيبة التاريخية للقضاء، إذ شكّل الموارنة 55.8% من المستطلعين، والأرثوذكس 20.4%، والكاثوليك 10%، والمسيحيون الآخرون 3.5%. وضمّت العينة أيضًا نسبًا محدودة من الدروز (2.2%)، واللبنانيين غير المحددين طائفيًا (1.9%)، والشيعة (1.8%)، والسنة (1.7%)، والأرمن (1.2%)، ما يجعلها عينة متوازنة تعكس الواقع الاجتماعي والديني المتنوع في المتن الشمالي.


من خلال هذه الأرقام، يتّضح أن المتن يقف على مفترق طرق سياسي جديد، حيث برز تقدم كبير للثنائي كنعان – بو صعب، الذي استطاع أن يقدّم نموذجًا وسطًا بين الحزبية التقليدية والاستقلال السياسي. في المقابل، تمكّن حزب الكتائب من تثبيت موقعه التاريخي داخل العرين المتني بفضل الزعامة العائلية والرمزية المناطقية، بينما تواصل القوات اللبنانية تعزيز حضورها الحزبي مستفيدة من الخطاب التعبوي الموجّه إلى القواعد المسيحية التقليدية.


أما على المستوى الشعبي العام، فتبيّن أن الثقة بالمؤسسات الرسمية ضعفت، وأن المزاج العام يميل نحو الشخصيات المستقلة والعسكرية أكثر من الأحزاب السياسية، وهو ما يفسّر تصدّر جوزيف عون قائمة الشخصيات الموثوقة في المتن وربما في لبنان بأسره.


النتائج لا تعكس فقط توزّع الأصوات، بل تعبّر عن تحوّل أعمق في البنية الاجتماعية والسياسية للناخب المتني، الذي بات أكثر نقدًا للنخب التقليدية وأشدّ تطلّعًا إلى أداء فعلي بدل الاكتفاء بالشعارات. ومع تزايد مؤشرات الانهاك الاقتصادي والتعب العام من الصراعات الداخلية، تتجه الأنظار إلى الانتخابات المقبلة التي تبدو مرشّحة لأن تكون معركة مفتوحة بين التجذّر والتغيير، بين الأحزاب التاريخية والوجوه المستقلة الصاعدة، وبين من يسعى للحفاظ على الإرث ومن يطمح إلى إعادة رسم مستقبل جديد للمسيحيين في المتن ولبنان.


وإذا ما تعمّمت نتائج هذا الاستطلاع على سائر أقضية جبل لبنان – من كسروان إلى جبيل وبعبدا فالشوف وعاليه – فنحن أمام مشهد سياسي غير مسبوق، يتمثل ببروز "الخيار الثالث" داخل البيئة المسيحية، بعد أن ظلّت لسنوات أسيرة الثنائية الحزبية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. هذا الخيار الجديد، الذي يجسّده اليوم حضور نوابٍ مستقلين في المتن، قد يتحوّل إلى ظاهرة أوسع على مستوى جبل لبنان، خصوصًا في ظل غياب أي تدخل مباشر من الرئيس جوزيف عون انتخابيًا حتى الساعة، ما يمنح هذه الحركة طابعًا عفويًا ومستقلًا، بعيدًا عن أي رعاية رسمية أو توجيه من السلطة.


ويُرجّح أن تتسع هذه الظاهرة في حال قرّر عدد من النواب مستقبلًا بلورة كتلة نيابية مستقلة تعكس روحية خطاب الرئيس عون الوطني، وتشكل رافعة سياسية لمشروع إصلاحي يواكب مضمون خطاب القسم، بما يعيد رسم الخريطة المسيحية وربما الوطنية على أسس جديدة تجمع بين السيادة والإصلاح والاستقرار.


بهذه القراءة، يظهر أن المتن لم يعد ساحة نفوذ تقليدية لأي حزب، بل بات مختبرًا لوعي انتخابي جديد، يختصر صورة لبنان السياسي المقبل بكل تناقضاته وأسئلته المعلّقة بين الانهيار والإصلاح.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة