وفي حديثٍ لـ "ليبانون ديبايت"، يكشف البروفسور عجاقة عن أن النموذج الهيكلي المُتّبع حالياً في الوزارة قديم ولا يواكب التحدّيات، كما أنه لا يصلح كنموذج لدولة حديثة قادرة على تحصيل إيراداتها بشكلٍ فعّال وتحمّل مسؤولية الإنفاق العام وإصدار تقارير شهرية دقيقة عن وضع المالية العامة.
ولعلّ أبرز ما يتم التركيز عليه اليوم هو إيرادات الخزينة والنفقات وآليات العمل الخاصة بها، حيث يشير عجاقة إلى أن الإيرادات الضريبية انخفضت إلى مستوى كارثي ما يُعقّد مسألة توازن الإيرادات مع النفقات، وذلك بسبب النموذج الهيكلي الجغرافي البيروقراطي، الذي أصبح عرضةً بشكل كارثي للفساد وللإنحياز المنهجي لقوانين الضرائب.
ويعتبر عجاقة أن ما قام به وزير المالية ياسين جابر من مجهود لتحسين إيرادات موازنة العام الحالي، من خلال تنويع القاعدة الضريبية وزيادة كفاءة التحصيل، هو اعتراف ضمني بأن الضعف البنيوي هو جوهر الأزمة الحقيقية.
ويؤكد عجاقة أن صندوق النقد والبنك الدوليين، قد سبق وطالبا بمجموعة إصلاحات تسمح بالإنتقال التدريجي نحو إدارة وظيفية يمكن تحقيقها عبر تطبيق لامركزية الخدمات لدافعي الضرائب، وإنشاء وحدة تدقيق في الضرائب التي يدفعها كبار المتمولين، وإنشاء هيئة شبه مستقلة لعزل عملية تحصيل الإيرادات عن تدخّلات أصحاب النفوذ.
أمّا على صعيد ضرائب ورسوم الإستيراد، فيتحدث عجاقة عن أهمية إنشاء قاعدة بيانات مشتركة مخصّصة للإستيراد تجمع بين بيانات وزارة المال، وزارة الإقتصاد والتجارة، الجمارك، ومصرف لبنان، واعتماد الذكاء الإصطناعي لملاحقة التهرّب الضريبي.
ويرى عجاقة في الضغط الدولي، عاملاً مساعداً في وضع إطار واضح وشفّاف لإدارة المالية العامة، بعدما سمح الهيكل التقليدي الحالي بهدر المال العام وانعدام المساءلة في ما يخصّ الإنفاق.
وفي هذا الإطار يشير عجاقة إلى أن الإنفاق على أساس القاعدة الإثني عشرية بالإضافة إلى فرض إعطاء سلف بطريقة غير قانونية، تسبّب بتراكم العجز وتحوّله إلى دين عام.
ولا يهمل عجاقة الإضاءة على النقص في عدد الموظفين في وزارة المالية وتدني رواتبهم بعد الإنهيار، ما انعكس على أدائهم وبات يهدد هيكل الدولة ككل، مع ما لذلك من تداعيات على الرقابة في الإنفاق، إضافةً إلى وجود نقص تكنولوجي في تحضير الموازنة، مع العلم أن البنك الدولي قد قام بتمويل مشروع لترقية نظام المعلوماتية، بهدف رفع قدرات وزارة المال في إعداد وملاحقة تنفيذ الموازنات وإصدار تقارير تعكس صورة دقيقة وفورية لواقع المالية العامة.