في الخامسة والستين من عمره، وأمام وضعه الصحي الحرج، يُستدعى حواط إلى التحقيق منذ ساعات الصباح الباكر يوم أمس الثلاثاء، ويُحتجز حتى اللحظة، وكأنّ القضاء وجد في هذا الرجل فرصةً لاستعراض قوّته بعد أن أعجزته ملفات الفساد الكبرى عن الحسم والمواجهة. الاتهامات تتطاير على الشاشات والمواقع، وبعض الذين ضايقتهم صراحته وجرأته وجدوا في مقابلةٍ تلفزيونية عبر “ريد تي في” ذريعةً للانتقام وتصفية الحسابات.
لكن ماذا عن إنجازاته؟ ماذا عن آلاف الشباب الذين أنقذهم من براثن الإدمان؟ أليست هذه الأعمال كافية لتشفع له؟ أم أنّ العدالة في لبنان لا تتحرّك إلا عندما يكون المستهدف بلا غطاءٍ سياسي أو حمايةٍ حزبية؟
من المؤسف أنّ من أفنى عمره في محاربة السموم يجد نفسه اليوم ضحيةَ سمٍّ من نوعٍ آخر، أشدّ فتكًا من المخدرات التي واجهها طوال حياته: سمّ الظلم، والتشويه، والاستقواء باسم القانون.
إنّ ما يجري مع جوزاف حواط ليس مجرّد استدعاءٍ للتحقيق، بل اختبارٌ للضمير الوطني، ودعوةٌ لكل من لا يزال يؤمن بأنّ العدالة لا تُقاس بالانتماءات، إلى رفع الصوت ووضع حدٍّ لهذا التعسّف المريب.
فالتاريخ لا يرحم، والحقّ لا يُسكت، مهما طال ليل الاستقواء.