تحدث أستاذ الفلسفة السياسية في باريس الدكتور رامي الخليفة العلي عن الاتفاقية التي وقّعتها الدول الأوروبية لتسهيل التنقل العسكري عبر أراضيها في المناطق الوسطى والشمالية والشرقية، موضحاً أنها تشمل تنسيقاً مشتركاً لوسائل النقل والدفاع، في إطار التحضير لأي مواجهة محتملة مع روسيا.
وقال العلي، في مداخلة عبر إذاعة "سبوتنيك"، إن هذه الخطوة تعكس "حالة من الحمى تسود الدول الأوروبية استعداداً لسيناريو صدام محتمل مع موسكو"، مضيفاً أنها تأتي ضمن سياق أوسع تتكرر فيه التصريحات الأوروبيّة اليومية التي تلمّح إلى هذا الاحتمال.
وأوضح أن الأوروبيين يعملون على تعزيز استعداداتهم اللوجستية، من خلال نشر صواريخ في شرق أوروبا والبحث في تطوير أسلحة مضادة للمسيّرات، لكنه أشار إلى وجود معوّقات كبيرة، أبرزها غياب التوافق داخل حلف "الناتو"، وضعف إيمان الإدارة الأميركية الحالية بالحاجة إلى الحلف، إلى جانب العقبات التي تواجه تطوير منظومة دفاعية أوروبية مستقلة في ظل اعتمادها الواسع على الولايات المتحدة، إضافة إلى غياب وحدة القرار السياسي والترهل الذي يعانيه الاتحاد الأوروبي.
ورأى العلي أن الاتفاقية تهدف خصوصاً إلى ضمان سرعة انتقال القوات الأوروبية الضاربة من غرب القارة إلى شرقها، مشيراً إلى أنها تأتي ضمن إطار التخطيط الاستراتيجي. لكنه شدد على أن أي مواجهة مع روسيا ستكون "الخيار الأصعب والأخير" نظراً لتداعياتها الكارثية، وهو ما تدركه الدول الأوروبية. واعتبر أن الهدف من الاتفاقية هو دفع المؤسسات العسكرية ووزارات الدفاع الأوروبية إلى العمل ككتلة واحدة في حال وقوع مواجهة.
كما تناول العلي التداعيات السلبية للحرب الأوكرانية على الاقتصادات الأوروبية، من ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم والأزمات المالية، وصولاً إلى تضرر الصناعات الثقيلة التي تعاني أصلاً من مشكلات بنيوية فاقمتها الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وحذّر من أن أي مواجهة مع روسيا ستضيف أعباء اقتصادية ضخمة على أوروبا.
واختتم بالإشارة إلى مظاهر الأزمة السياسية التي تشهدها القارة، مع صعود اليمين المتطرف والشعبوي في عدد من الدول، وانتشار النزعة الشعبوية حتى داخل أحزاب اليسار، كما في فرنسا، إلى جانب التراجع الكبير للأحزاب التقليدية التي قادت أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما يرافق كل ذلك من أزمة اقتصادية وقلق سياسي وعسكري ولوجستي يضع القارة أمام تحديات كبرى.