وفي حديثٍ إلى "ليبانون ديبايت"، كشف رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين اللبنانيين إبراهيم ترشيشي عن صورة قاتمة لما آلت إليه أوضاع المزارعين، مؤكداً أن ما يشهده القطاع اليوم هو نتيجة تراكمات لم تُعالَج، وإجراءات حكومية متأخرة، وسياسات غير قادرة على حماية المنتجات المحلية.
ويشير إلى أنّ محصول البندورة المحلية يتكبّد خسائر كبيرة، ليس فقط بسبب انخفاض أسعار البيع، بل أيضاً نتيجة استمرار التهريب من سوريا، الذي يضرب الموسم اللبناني ويغرق السوق بكميات منافسة. ويشرح أن لبنان يعيش مرحلة انتقالية حسّاسة مع تحوّل الإنتاج تدريجياً من سهل البقاع إلى السهول الساحلية، ما يخلق اضطراباً في العرض والطلب.
ولفت ترشيشي إلى أن إعادة فتح الأسواق السعودية أمام المنتجات الزراعية اللبنانية شكّل محطة مفصلية، مشدّداً على أن يوم رفع الحظر يمكن وصفه بأنه "الأهم" في السنوات الأخيرة، لما يحمله من دلالة على أن المملكة لم تتخلَّ يوماً عن لبنان، بل استمرت في الوقوف إلى جانبه في أصعب الظروف.
ويكشف ترشيشي أن الخسائر لم تبقَ موسمية، بل دفعت عدداً كبيراً من المزارعين إلى ترك أراضيهم وبيوتهم البلاستيكية لتصبح أرضاً بوراً غير مستثمرة، نتيجة تراجع المردود وغياب الدعم، في وقت جاءت خطوة وزير الزراعة القاضية بوقف استيراد البندورة من الخارج لتعيد شيئاً من التوازن إلى الأسعار، وفق معادلة: "لا نريد أن نخسر الدجاجة وبيضها".
وينتقد ترشيشي رفع الرسوم الضريبية على المواد الأولية الزراعية، في ظل غياب أي خطة تمويلية حقيقية لدعم المزارعين، معتبراً أن الدولة تكتفي بـ"مدّ اليد" إلى جيوب المواطنين بدل وضع سياسة زراعية إنتاجية.
وفي سياق التحذيرات، عبّر ترشيشي عن قلق شديد على مستقبل بساتين الفواكه المعمّرة، في ظل شحّ الأمطار والثلوج، ورفض الإدارة الرسمية إعطاء رخص لحفر آبار ارتوازية جديدة. هذا الواقع رفع بشكل كبير كلفة مياه الري، وانعكس مباشرة على كمية الإنتاج ونوعيته، وعلى قدرة المستهلك على الشراء.
ورغم الظروف المعقّدة، يؤكّد ترشيشي أن لبنان لا يزال يصدر سلّة واسعة من المنتجات الزراعية إلى مناطق عدّة حول العالم، بينها أفريقيا، أستراليا، روسيا، وآسيا الوسطى.
واختتم ترشيشي مؤكداً ضرورة إعادة هيكلة وزارة الزراعة عبر إشراك مزارعين أصحاب خبرة، إلى جانب الاختصاصيين والكفاءات الزراعية، لضمان وضع سياسة شاملة تخرج القطاع من أزماته وتعيد إلى الريف دوره الاقتصادي الأساسي.