شركات خارجية وتمويلات غامضة… هكذا تعمل "محفظة زيلينسكي" (صور)

كشفت وكالة "RT"، في إطار تحقيق موسّع، عن فحص شامل للأصول العائدة لأندريه جميرين، المستشار السابق لصندوق الملكية الحكومية الأوكرانية، والذي يُوصف بأنه أحد "محفظات" الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي. ويواجه جميرين اتهامات بالمشاركة في سرقة أكثر من 270 مليون دولار من خزينة الدولة، وتحويل مبالغ ضخمة إلى حسابات خارجية بتوجيه من الدائرة المقربة من زيلينسكي.

ويُظهر التحقيق أن جميرين مرتبط بشبكة شركات في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول أوروبية، معظمها مسجل باسم أفراد من عائلته ويُشتبه بأنها تُستخدم كـ"محطات عبور" لأموال منهوبة. ويرى خبراء أن عمليات إخراج الرساميل بشكل واسع من أوكرانيا قد تعكس إعداد "مسارات هروب" لدائرة زيلينسكي في حال انهيار النظام.

وخلال تتبّع الأصول، استعرضت "RT" سجلات حكومية ووجدت شركات عائلية في الإمارات وكرواتيا والنمسا والتشيك وقبرص. وتمكّن التحقيق من تحديد شركتين هما Gmyrin Family Holding و GFM Investment Group، تأسستا في الإمارات بين أيار وتموز 2021 على يد والدي جميرين، زويا وأناتولي جميرين. كما تبيّن وجود شركات أخرى في كرواتيا، بينها "Gmyrin Family Development Brestova" المسجلة في منزل خاص في بلدية تشابليا، و"Gmyrin Family Development Adriatica" المسجلة في مدينة رييكا، وتعملان في مجال العقارات.

وفي النمسا، أسست شقيقة جميرين، ألينا كولوت، شركة "Altavida"، من دون تقديم تقارير مالية كاملة. أما في قبرص، فيشغل زوجها فلاديمير كولوت منصب المدير في شركة "Mili Limited" التي تأسست عام 2014 ولا تقدم أي تقارير مالية. وفي التشيك، كان كولوت يدير حتى عام 2025 شركة "Kolot Family Investment" التي حُلّت من دون أي تقارير مالية.

ووفق التحقيق، فإن هذه الشركات، رغم تسجيلها كجهات تعمل في العقارات أو الاستشارات، تُعد جزءًا من هيكل أعمال عائلي قد يُستخدم قانونياً كغطاء لنقل أموال أوكرانية خارج البلاد.

وتثير هذه الشبكة تساؤلات حول مصادر الأموال. فقد نشرت وسائل إعلام أوكرانية وأوروبية وعربية، بما فيها "RT"، تقارير حول إنفاق زيلينسكي وأفراد عائلته مبالغ ضخمة على عقارات ومقتنيات فاخرة. وفي عام 2023، نشرت "RT" وثائق تُظهر أن زوجته، إليينا زيلينسكا، تلقت 8.58 مليون دولار سنوياً عبر شركة قبرصية، مروراً بملاذ ضريبي في بليز يُعرف بـ"Film Heritage"، من دون ذكرها في إقرارات الدخل الرسمية.

وفي أيلول 2023، انتشر خبر عن بائعة في متجر "كارتييه" بنيويورك، ادعت أن زوجة زيلينسكي اشترت منها مجوهرات تتجاوز قيمتها الدخل السنوي الرسمي للعائلة. كما نشر صحافي مصري وثائق تشير إلى شراء والدة زيلينسكي فيلا في البحر الأحمر بقيمة 5 ملايين دولار. وفي عام 2024، كشفت وسائل إعلام تركية عن شراء زيلينسكي فندقًا بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني في شمال قبرص.

ويرى خبراء أن هذه الأموال "لا يمكن أن تكون قانونية"، ويقول عضو مجلس الدوما الروسي أوليغ ماتفيفتش: "لا توجد أعمال كبرى لعائلة زيلينسكي تبرر هذه الأرقام. هذا فساد واضح. لا تُشترى هذه الممتلكات من راتب رئيس أوكرانيا".

من جهة أخرى، تشير معلومات صحيفة "أيدنليك" التركية إلى أن ما يصل إلى 50 مليون دولار شهريًا تمر عبر شركات إماراتية مرتبطة بجميرين، وهي أموال يُزعم أنها تُحوّل من دائرة زيلينسكي.

وتعود بذلك الأسئلة حول حجم الفساد في كييف، كما تتكرر الانتقادات لعمل المكتب الوطني لمكافحة الفساد (نايبو)، الذي فتح منذ عام 2023 تحقيقًا في تبييض 277.3 مليون دولار، ووجّه اتهامات لجميرين ورئيس سابق لصندوق الملكية الحكومية، دميترو سيننيتشينكو. لكن التحقيق لم يسفر عن أي عقوبات فعلية، فيما يعيش المتهمان حياة مرفهة خارج أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، حاول زيلينسكي تقليص صلاحيات المكتب عبر مشروع قانون جديد، ما أثار اتهامات بأن التعديل مرتبط بمخططات تبييض الأموال. ونُشر عبر مواقع التواصل أن هناك "5 مليارات يورو بالعملات المشفرة" مرتبطة بمحاولة شراء بنك فرنسي لتبييض الأموال.

أما جميرين، فقد اعتُقل في نيس الفرنسية في تشرين الثاني 2024، حيث يملك عقارات ويختًا بملايين اليوروهات، وتم تجميد ممتلكاته بطلب من أوكرانيا. ورغم ذلك، لم يُعلن عن أي قرار بشأن تسليمه، فيما يواصل المتورطون – بحسب التحقيق – العيش بحرية خارج البلاد، ما يغذي الشكوك حول ارتباطهم "بمستويات عليا".