يؤكد الباحث في الأحوال الجوية وعلم المناخ علي جابر لـ"ليبانون ديبايت" أنّ المرتفع المداري ما زال العنصر الأكثر تأثيرًا على أجواء المنطقة، مشيرًا إلى أنّه يشكّل حاجزًا رئيسيًا يمنع أي منخفض حقيقي من الاستقرار فوق لبنان أو شرق المتوسط.
ويشرح جابر أنّ السبب يعود إلى حالة التخبط التي تعيشها المنظومة الجوية هذا الموسم، حيث تتمدد الكتلة الدافئة والجافة القادمة من الجنوب بقوة، بينما تغيب الكتل الباردة النازلة من شرق أوروبا القادرة على كسر المرتفع. وفي الوقت نفسه، تفرض التيارات شبه المدارية سقفًا يمنع تشكّل أي نزول علوي مباشر نحو المنطقة. ومع كل محاولة لأي منخفض للتقدم باتجاه لبنان، يرتفع الضغط الجوي فجأة فوق المنطقة، ما يؤدي إلى انكسار المنخفض فوق البحر، وهو سيناريو تكرّر مرارًا منذ بداية الموسم.
وعن مدى استمرار هذه الحالة، يشير جابر إلى أنّ الوضع ليس دائمًا، لكن المشكلة تكمن في غياب أي إشارة ثابتة لنزول بارد قوي قادر على تحطيم المرتفع في الوقت القريب. ويضيف أنّنا نعيش اليوم في عصر تغيّر مناخي واضح أثّر على سلوك المرتفع المداري، الذي أصبح أكثر قوة واستقرارًا وطولًا في مدّة بقائه فوق شرق المتوسط، ما يجعل فترات الانتظار أطول من المعتاد، لكنها ليست بلا نهاية.
أما الانخفاض الذي شهدته درجات الحرارة في الفترة السابقة والمتوقع بعد 26 تشرين الثاني، فيوضح جابر أنّه طبيعي جدًا، إذ أنّ المرتفع مسؤول عن الجفاف وصفاء الأجواء، وليس بالضرورة أن يسبّب حرارة مرتفعة دائمًا. فقد تنخفض الحرارة بفعل رياح جنوبية غربية ذات طابع بحري أبرد، أو نتيجة تغيّرات محلية في الكتل السطحية، دون أن يعني ذلك تفكّك المرتفع أو اقتراب منخفضات شتوية فعلية.
وبالنسبة للأمل بوصول منخفض فعّال قريبًا، يشير جابر إلى أنّ المعطيات الحالية لا تظهر أي مؤشرات ثابتة على اقتراب منخفض شتوي قوي. قد تشهد البلاد بعض الحالات الرطبة الخفيفة أو موجات محدودة من عدم الاستقرار، إلا أنّ المنخفضات الحقيقية تحتاج إلى تراجع واضح في قيم الضغط فوق المنطقة، وهو أمر غير ظاهر على الخرائط حتى الآن.
وبذلك، يبقى المشهد الجوي معلّقًا بين تأثير المرتفع المداري المتجدد، وبين انتظار أي تغيّر جذري في المنظومة المناخية يسمح بعبور الشتاء الحقيقي نحو لبنان.