ألقى السيّد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية وحشد من المؤمنين. واستهل خطبته السياسية بالتوصية بما ورد عن السيّدة الزهراء (ع) حول ساعة الاستجابة يوم الجمعة، داعياً إلى اغتنام هذا الوقت بالدعاء لنيل الحماية من بلاء الدنيا والآخرة، ما يمنح الإنسان قوةً أكبر لمواجهة تحديات الحياة.
وانتقل فضل الله إلى التطورات الميدانية، فتوقف عند تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، والتي رأى أنّها تهدف إلى فرض واقع جديد، مشيراً إلى عمليات الاغتيال التي طالت عاملين في القطاعين التربوي والبلدي، والإنذارات التي وُجّهت إلى عدد من القرى الجنوبية قبل استهدافها، إضافة إلى المجزرة في مخيم عين الحلوة التي خلفت عشرات الشهداء والجرحى. وأشار إلى أنّ الاحتلال يواصل استهداف أي مظهر للحياة في القرى الحدودية ومشاريع إعادة الإعمار.
ولفت إلى أنّ الإدارة الأميركية تواكب هذه الاعتداءات عبر ممارسة ضغوط مالية واقتصادية وسياسية على لبنان، مرجعاً إليها إلغاء زيارة قائد الجيش إلى واشنطن. واعتبر أنّ الهدف من هذه الضغوط هو دفع الدولة والجيش إلى اتخاذ خطوات تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية، من دون مراعاة ظروف الجيش وإمكاناته المحدودة، أو التزامات لبنان في إطار وقف إطلاق النار، في مقابل عدم وفاء إسرائيل بأي من تعهداتها، سواء بوقف اعتداءاتها أو الانسحاب من المواقع التي لا تزال تحتلها أو إطلاق الأسرى اللبنانيين.
وأشار فضل الله إلى أنّ العدو يعمل على فرض وقائع جديدة عبر بناء الجدار الإسمنتي على الحدود، والذي اقتطع آلاف الأمتار من الأراضي اللبنانية، رغم اعتراض القوات الدولية ووجود شكوى لبنانية لدى مجلس الأمن، ومن دون صدور أي موقف واضح من لجنة وقف النار.
ودعا الدولة إلى التشبث بموقفها دفاعاً عن أمن لبنان وسيادته واستنفار جهودها سياسياً وديبلوماسياً وعلى الساحة الدولية لتحصين البلد من المخاطر، مؤكداً ضرورة تفعيل عناصر القوة التي يمتلكها لبنان، لأن لا أمن ولا سيادة بلا قوة تحميهما. وأعرب عن أسفه لغياب وحدة الموقف الوطني تجاه الاعتداءات الإسرائيلية ودمار العمران وسقوط الضحايا، وكأنّ ما يحدث يخص فئة أو طائفة معينة وليس كل اللبنانيين.
وتطرق فضل الله إلى خطورة السعي لاستدعاء الخارج للتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، محذّراً من أنّ الخارج لا يعمل لمصلحة أي فريق لبناني، بل لمصلحته الخاصة، وسيُهمِل من يستخدمه وسيلفظه لاحقاً لأنه لم يكن أميناً على وطنه. وشدّد على ضرورة دعم الجيش والوقوف معه في جهوده لحفظ الأمن الاجتماعي والأخلاقي، وتقليل التضحيات التي يتحمّلها، خصوصاً بعد الحوادث الأخيرة.
وعلى الصعيد الداخلي، دعا الحكومة إلى عدم إهمال واجباتها تجاه المواطنين، ولاسيما في ظل التدهور المعيشي المتصاعد، مؤكداً أهمية إعادة أموال المودعين، وتسريع عملية الإعمار، واعتبار الإصلاح أولوية وطنية يُتخذ قرارها في الداخل لا تحت ضغط الخارج.
وختم فضل الله بدعوة اللبنانيين، في ذكرى الاستقلال، إلى الحفاظ على هذا الإنجاز الوطني عبر ترسيخ قيم الاستقلال في نفوسهم، وتوحيد جهودهم لمواجهة التحديات التي تستهدف سيادة لبنان وحرّيته. كما دعا إلى استذكار الأبطال الذين قدّموا دماءهم دفاعاً عن الوطن ليبقى لبنان سيّداً حرّاً مستقلاً.