مع اقتراب الذكرى السنوية لسقوط النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، كشف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني جانباً من خفايا العمليات والمعارك التي سبقت الثامن من كانون الأول 2024، وكيف نجحت الفصائل المعارضة آنذاك في تجاوز العقدة الروسية وتفادي الغارات الجوية.
وقال الشيباني في مقابلة مع مجلة "المجلة" إن التحدّي الأكبر كان "تحييد سلاح الجو الروسي"، مضيفاً أنّ قيادة المعارضة وضعت سؤالاً أساسياً أمامها: "ما هي مصلحة الروس في سوريا؟ وهل ترتبط بشخص بشار الأسد أم بالدولة السورية؟ وهل هدف موسكو الحفاظ على الموقع الجغرافي والصورة الدولية، أو إنشاء وجود دائم؟".
وأشار الوزير إلى أن الفصائل، ومع تقدمها باتجاه العاصمة دمشق، حرصت على تحييد الجبهات التي تنتشر فيها القوات الروسية. وكشف أن الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي كان يقود حينها "معركة ردع العدوان"، رأى بعد تحرير حلب ومع بداية الهجوم لتحرير حماة، أنّ اللحظة باتت مناسبة لفتح قناة تواصل مباشرة مع موسكو.
وأوضح الشيباني أنه خلال تلك المرحلة جرى تواصل مع "جهة عليا جداً" في روسيا، قائلاً: "كان الأمر وكأنني أتحدث مع بوتين نفسه". وتابع أن بياناً صدر عن المعارضة في حينه وصل إلى القيادة الروسية، وأن بوتين "اطّلع عليه وأُعجب به"، معتبراً أن هذه الإشارة تعني أن "السنّارة قد شبكت".
وأكد الشيباني أنّ لقاءً مباشراً عُقد لاحقاً بين وفد المعارضة والوفد الروسي عند معبر باب الهوى. وخلال اللقاء، قال الوفد السوري للروس إنّ دعم موسكو لبشار الأسد "كان خياراً خاطئاً"، وإن "الشعب السوري يريد التغيير". وأبلغ الشيباني الروس بأن مصالحهم في سوريا يمكن تنظيمها "مع الحكومة الجديدة على أسس وطنية، لا على صفقات ولا على ميليشيات".
وأضاف الوزير أنّ الوفد السوري قدّم "جملة مفتاحية" للروس: "سقوط نظام الأسد لا يعني خروج روسيا من سوريا". وأعقب ذلك بدء نقاش حول وقف القصف، إذ طلبت المعارضة وقف العمليات الروسية على إدلب وحلب، مقابل استمرارها في عدم استهداف القواعد الروسية رغم قدرتها على ذلك.
كما طالبت المعارضة موسكو بوقف التحريض السياسي ضدها في مجلس الأمن، ووقف الحملات الإعلامية، وتسهيل لقاءات مستقبلية تبحث إمكان إعادة تموضع القوات الروسية أو انسحابها الطوعي، إضافة إلى إيصال رسالة للنظام بأن "الأمور انتهت".
وفي ختام الاجتماع، سأل الوفد الروسي الشيباني إن كانت الفصائل قادرة على الوصول إلى دمشق، وضمن أي مهلة. وردّ الشيباني: "نعم، سنصل إلى دمشق ربما خلال 48 ساعة".
يُذكر أنّ الشيباني والرئيس أحمد الشرع زارا موسكو قبل أسابيع، وأكدا حينها أنّ العلاقة بين الطرفين "تُعاد صياغتها وفق أسس جديدة". وكانت روسيا قد دعمت لسنوات النظام السوري السابق سياسياً وعسكرياً، ونشرت قواتها في قاعدتي حميميم وطرطوس.