وبينما تزدحم طاولة اللجنة النيابية الفرعية بمشاريع القوانين الإنتخابية واقتراحات تعديل القانون النافذ، فإن الثابت من منظار أوساط نيابية "وسطية"، هو تأمين الحدّ الأدنى من التفاهمات الداخلية حول الإستحقاق النيابي، وذلك بشكلٍ يسمح بالحفاظ على الموعد الدستوري وحماية الإنتخابات عموماً من أي انتكاسة تؤدي إلى ترحيلها وتأجيلها.
وليس من الطبيعي، بحسب الأوساط النيابية، أن تكون المواقف النيابية عموماً تركّز على حق المغتربين في الإقتراع للنواب ال128، إنما من دون أن تُبادر أي جهة أو مرجعية إلى طرح "المخرج" الذي يُنقذ الإنتخابات من مصيرٍ مجهول، طالما أن الإنسداد مستمر في قنوات التواصل بالمجلس النيابي.
وبينما كان الرهان قوياً لدى الفريق المتمسّك بتعديل القانون الإنتخابي الحالي، فإن الأوساط النيابية عينها، تتخوّف من أن تدهم التطورات الأمنية كل العناوين، وتطيح بالتالي بأي محاولاتٍ كان العهد يستعد للإنخراط فيها، من أجل تضييق مساحات الخلاف بين الكتل النيابية، في الأيام المقبلة.
وليس من الطبيعي أن يتقدم الخلاف حول تعديل أو تعليق أو شطب مادتين في القانون الإنتخابي على ما عداه من ملفات مصيرية في ساحة النجمة، حيث ستباشر اللجنة الفرعية بغربلة الإقتراحات في هذا الإطار، خصوصاً وأن ما من مواعيد محدّدة لأي اجتماعات أو جلسات نيابية في المدى المنظور، وذلك في ظل التحوّل في الأولويات لدى كل الأطراف السياسية والحزبية في المرحلة الأخيرة. وهنا، لا تستبعد الأوساط النيابية، أن يكون مصير اقتراحات القوانين أو ما تمّ توقيعه من عريضتين تطالبان بجلسة تشريعية للبرلمان من أجل مناقشة مشروع شطب المادتين 112 و122 من قانون الإنتخاب الحالي غامضاً بالكامل، وصولاً إلى الدفع باتجاه المزيد من التأجيل لأي نقاش جدّي في المخارج، أو ما تسميه الأوساط "تسوية"، لطالما تعوّد عليها اللبنانيون كما القوى السياسية من أجل تأمين "مصالحهما" بالدرجة الأولى.
إنما لا يبدو الطريق سالكاً أمام أي تسوية محتملة، وفق ما تكشف الأوساط النيابية "الوسطية"، التي تقرّ ل"ليبانون ديبايت"، بأن الخلاف حول اقتراع المغتربين، يتخطى هذا الملف إلى ما هو أخطر، وهو يكاد يكون سيناريو المرحلة السياسية المقبلة، والذي سيرسمه ميزان القوى داخل المجلس النيابي، وذلك على اعتبار أن الأكثرية النيابية التي ستنتجها الإنتخابات في العام المقبل، هي التي ستحدّد اتجاهات لبنان وخياراته على عدة مستويات.
وبناءً على ما تقدم، من الممكن فهم الصراع الحاد بين "محورين" على الساحة الداخلية، ودوافع ذهاب كل محور إلى معركة "كسر عظم" حول قانون الإنتخاب، وسقوط كل محاولات التسوية التي تسعى إليها الحكومة، لتفادي الوقوع في مطبّ التمديد للمجلس النيابي الحالي ولو لأسابيع معدودة، مع ما يعنيه هذا الأمر من تعرّض والحكومة لضغوطٍ خارجية هي بغنى عنها، في الوقت الذي تتراكم فيه الضغوط من أجل تنفيذ قرارها بحصرية السلاح.