"ليبانون ديبايت"
مع مرور عام على اتفاق 27 تشرين الثاني الذي أوقف العمليات العدائية، يعود المشهد مجدداً إلى حالة الحرب الإسرائيلية ولو بأسلوب مختلف عما كان عليه قبل هذا التاريخ، بعدما أشعلت عملية اغتيال "الرجل الثاني" في "حزب الله" بالضاحية الجنوبية، فتيل الإنفجار بمعزلٍ عمّا ستكون عليه طبيعة المواجهة المقبلة.
ومن شأن هذا التحول أن يطرح سؤالاً حول ما إذا كان لبنان، قد بات بحاجة إلى اتفاق جديد بعد سلسلة الخروقات لتثبيت وقف النار، حيث يجد الكاتب السياسي والمحلل داوود ابراهيم، أن السؤال يجب أن يتركز حول أسباب عدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار بحسب الإتفاق. وفي حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، يستغرب الكاتب ابراهيم، غياب "اللغة والأسلوب بالتعاطي مع الخروقات، لأنه عندما حصل خرق يتيم من لبنان كان مصدره منظمات فلسطينية، قامت الدنيا ولم تقعد، رغم أن الخرق كان محدوداً، وذلك مقابل آلاف الخروقات والإعتداءات الإسرائيلية، التي لم تحرك حتى الدولة اللبنانية كما يُفترض بها أن تتحرك".
وينتقد ابراهيم ، عدم تقديم شكاوى أو التلويح بوقف الإلتزام أو التنسيق مع لجنة المراقبة المعروفة بالميكانيزم، معتبراً أنه "على العكس، فقد قرر لبنان تقديم تنازلات إضافية عبر إعلان استعداده للدخول بمفاوضات مباشرة مع العدو وذلك من دون تحقيق أي خرق أو مكسب، مع العلم أنه حتى هذا التنازل، قابلته إسرائيل بالتجاهل وبالمزيد من الإعتداءات والجرائم".
ويسأل ابراهيم "هل يكون البديل عن اتفاق لم تلتزم به إسرائيل بتوقيع اتفاق أكثر إذلالاً للبنان وضمن نفس الآليات والجهات الضامنة التي أعلنت صراحةً أنها لا تستطيع أن تلزم إسرائيل بشيء؟"
فالشيء الوحيد الذي يعلنه لبنان منذ سنة ونصف حتى الآن، بحسب ابراهيم، هو أنه "يحشد الدعم مع العلم أنه يشحد الدعم ويتسوّله، لأن لا أحد يهتم لأمر لبنان الرسمي الذي تحول إلى صندوق بريد ينفذ الأوراق الأميركية التي تصله بالتنسيق مع الإسرائيلي، ويلتزم بها ويعمل على تنفيذها من دون إبطاء فيما إسرائيل تعلن رفضها لكل ما من شأنه احترام سيادة لبنان ووحدة أراضيه وشعبه، ما يطرح علامات استفهام حول ما إذا كان المطلوب اتفاق جديد أو التزام حقيقي وضمن روادع قانونية لحماية لبنان من الجنون الصهيوني."
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الضربة الأخيرة ستُسقط كل المبادرات وطروحات الحوار، يقول ابراهيم إنه "يجب توضيح من يحاور من وما هو عنوان الحوار وما هي أهدافه الحقيقة، لأن الذي جرى بالأمس من انقسام لبناني وحملات غبية على موضوع تزيين بالأضواء في العاصمة اللبنانية لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة ومحاولة القول إن الأسلوب أو الشكل إسلامي ما دفع بعض المتعصبين إلى إعلاء الصوت والإستنكار والشجب، هو مشهد يؤكد حجم الهوّة والإنقسام الحاصل في البلاد، فإذا كانت زينة الميلاد تحدث هذا الشرخ، فهل يمكن تخيّل ما يمكن أن تتسبب به عناوين وقضايا مصيرية؟ لذلك وللوصول إلى الحوار، لا بدّ من رغبة حقيقية عند الأطراف المعنية بالوصول إلى تفاهمات ضمن تنازلات متبادلة، فهل من يعتقد أن هناك من هو بوارد التنازل في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخنا ومسارنا؟"