شهدت تركيا، أمس الثلاثاء، تطورًا أمنيًا وسياسيًا لافتًا، بعدما أعلن مكتب الادعاء العام في إسطنبول توقيف ثلاثة أشخاص بشبهة التجسس لصالح أجهزة الاستخبارات الإماراتية. ووفق البيان الرسمي الأول، فإن الموقوفين حاولوا جمع معلومات شخصية عن مسؤولين كبار في مؤسسات حكومية حساسة، مستخدمين خطوط هاتف تركية وهويات رقمية مزيفة، كما قيل إنهم حصلوا على خط هاتف محلي ونقلوه إلى الإمارات لاستخدامه في نشاط استخباري.
لكن خلال ساعات، تغيّرت الرواية الرسمية بشكل مفاجئ. فبحسب موقع Middle East Eye، طلب مسؤولون أتراك من وسائل الإعلام حذف التقارير باعتبارها "غير دقيقة"، قبل أن تقوم النيابة العامة بحذف بيانها الأول من منصة X، ونشر بيان ثانٍ خالٍ من أي إشارة للإمارات.
ومساءً، أصدرت النيابة بيانًا ثالثًا جاء فيه: "لا علاقة للمشتبه بهم بدولة الإمارات وفق المعلومات الواردة من مصادرنا الأمنية." هذا التراجع السريع أثار تساؤلات واسعة حول خلفياته، خصوصًا أن البيان الأول كان تفصيليًا وضمّ معلومات موسّعة عن "عملية تجسس منظمة".
وتأتي هذه التطورات في ظل علاقات مستقرة نسبيًا بين أنقرة وأبوظبي منذ العام 2021 بعد سنوات من التوتر الحاد، رغم بروز خلافات جديدة مؤخرًا على خلفية الحرب الأهلية في السودان، حيث تدعم الإمارات قوات الدعم السريع، فيما يعزّز الجيش السوداني تعاونه مع تركيا.
وبرز بُعد إضافي في القضية بعدما أكدت مصادر دبلوماسية أن استمرار الاتهام رسميًا كان سيخلق توتراً ثلاثياً بين أنقرة وأبوظبي وتل أبيب، خصوصًا في ظل التنسيق الأمني بين الإمارات وإسرائيل منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم. وتشير التحليلات إلى أنّ أنقرة فضّلت احتواء الموقف سريعًا لتجنّب أزمة دبلوماسية غير مرغوب فيها في توقيت حساس.