وتجدر الإشارة إلى أنّ Hawk III استُخدمت لنقل فيول لصالح وزارة الطاقة بموجب عقد مع شركة Sahara Energy. وقد دخلت إلى المياه اللبنانية خلال الأشهر الماضية محمّلة بفيول يُحظر إدخاله إلى لبنان استنادًا إلى القوانين اللبنانية وقرارات مجلس الوزراء. وخلال التدقيق في أوراقها، تبيّن وجود تزوير في شهادات المنشأ والمستندات المتعلقة بنوع الحمولة ووزنها، ما دفع السلطات اللبنانية إلى توقيفها بقرار قضائي.
وخضعت الناقلة بعد احتجازها لتحقيقات دقيقة بين الجمارك والأجهزة الأمنية والنيابة العامة، قبل أن يتبيّن — استنادًا إلى اعترافات القبطان والمراسلات الرسمية الواردة من تركيا — أنّ المستندات المقدّمة مزوّرة بالكامل. وبقيت الناقلة منذ ذلك الحين راسية في عرض البحر تحت حراسة أمنية مشدّدة، بعد محاولة فرار أحبطها الجيش اللبناني، وهي اليوم بانتظار البت بالغرامات الجمركية ومصيرها القانوني.
وتكشف المعطيات أنّ القبطان اعترف بالتزوير منذ المراحل الأولى، ما يعزّز المسؤولية الجزائية على الشركة المستوردة وشركائها. إلا أنّ مفارقة خطيرة برزت لاحقًا، تمثّلت في دخول محامية مرتبطة بأحد السياسيين على خطّ الملف، تعمل بشكل ناشط على خفض الغرامة الجمركية المفروضة على الناقلة — والبالغة عشرة ملايين دولار — رغم أن الغرامة ناتجة مباشرة عن تزوير ثابت ونوعي.
وفي موازاة ذلك، يواصل المجلس الأعلى للجمارك درس طلب المصالحة المقدّم من وكلاء الناقلة، في وقت تبقى السفينة راسية في عرض البحر، ما يضاعف خطر غرقها أو جنوحها مع اقتراب الشتاء. وتعترض الأجهزة الأمنية على استمرار هذا الوضع، إذ تتكبد كلفة بشرية ولوجستية يومية لحراسة الناقلة ومنعها من الهرب، وقد أبلغت الجهات المعنية بضرورة الإسراع في اتخاذ القرار نظرًا للتكاليف المتزايدة.
وتشير المعلومات إلى ضغوط واسعة تُمارس لتخفيض الغرامة، في خطوة تُعدّ سابقة خطيرة تشجّع شركات النفط على تكرار عمليات التزوير مقابل تسويات زهيدة. فقد جرى تداول فكرة تسوية “بمئة ألف ليرة”، تحت ذريعة أنّ التزوير "لم يؤدِّ إلى فارق رسوم"، قبل أن يصدر رأي قانوني واضح يؤكّد أنّ النصوص النافذة تُجرّم الشركة المستوردة، وأن الحمولة النفطية نفسها ممنوع استيرادها إلى لبنان كونها تخطّت سقف السعر المسموح به لاستيراد الفيول الروسي.
وتشدد المراجع القانونية على أنّ النصوص تمنع أي التفاف على الغرامة أو محاولة خفضها، وأن أي تسوية يجب أن تراعي حماية المال العام وعدم تشجيع الغش والتهريب. ومع بقاء الباخرة محتجزة، يبقى السيناريو محصورًا بين خيارين:
تثبيت الغرامة كاملة حمايةً للحق العام.
أو خفضها بشكل كبير، بما يعرّض خزينة الدولة لخسائر فادحة ويطرح تبعات قضائية خطيرة.
وفي حال امتنعت الشركة المستوردة أو المالك عن دفع الغرامة، يصبح خيار بيع الناقلة في مزاد علني مطروحًا بقوة. غير أن التأخير في البت بالمصالحة يخلق ثغرة خطيرة تُسهّل تمرير الضغوط والوساطات، فيما يزداد الخطر البحري والمالي يومًا بعد يوم.
وتحذّر جهات قانونية من أن الناقلة قد تواجه مصيرًا مشابهًا لسفينة النيترات "روسوس"، التي تُركت سنوات في مرفأ بيروت قبل أن تغرق نتيجة التراخي في المعالجة. وتؤكّد هذه الجهات ضرورة صدور قرار واضح وسريع بشأن المصالحة.
أما مصادر صاحب الناقلة، فهي تشير الى ان الشركة المشغلة للناقلة هي التي تتحمل مسؤولية التزوير وليس مالكها، فالشركة المشغلة تتكبد خسائر يومية ولديها مصلحة حقيقية في تسوية الملف، كما أنّ الغرامات ستُوزّع بينه وبين شركائه في التزوير: شركات Galileo و Sahara Energy و Fenix وEcomarcet.
وفي حال تخلّفت هذه الشركات عن دفع الغرامات، فإنّ المالك الفعلي للناقلة يتجه جدياً لرفع دعاوى أمام القضاء الأوروبي لملاحقتهم جميعاً، مع الإشارة إلى أنّ المالكين من حملة الجنسية الإيطالية لهذه الشركات المرتبطة مع المافيا الروسية، ما يجعل الملف معرضاً أيضاً لمسار عقوبات دولية تطال المجموعة المالكة والشركات المتورطة.