وخلال هذه المرحلة الإنتقالية، سيبقى شبح توسيع الحرب الإسرائيلية، جاثماً على الساحة الداخلية حتى اكتمال مشهد المفاوضات في لجنة "الميكانيزم"، وإعلان طرفي هذه المفاوضات عن دخول جدّي في النقاش العملي بالخطوات المقبلة، والتي تؤمّن أجواءً مستقرة تسمح باستكمال تطبيق اتفاق وقف النار من قبل الفريقين.
إلاّ أن ترجمة قرار التفاوض، دونها عقبات لدى الجانبين اللبناني، وقد برز عبر موقف "حزب الله"، والإسرائيلي، من خلال رفع السقف في التهويل والتهديد بالحرب، من أجل تكريس أمر واقعٍ ومعطيات ميدانية تضع المفاوض اللبناني أمام أجندة خاصة وضعها بنيامين نتنياهو، والذي يعتمد أسلوب تزامن الخروقات مع جلسات لجنة "الميكانيزم" التي عقدت اجتماعاً تمهيدياً بحضور المدنيين، وستبدأ بعرض جدول أعمال المفاوضات في جلستها المقبلة.
وبمعزلٍ عن الإتجاهات الأميركية الداعمة لآلية التفاوض في إطار اللجنة الخماسية، فإن مصادر ديبلوماسية على صلة بحركة الموفدين إلى بيروت، تعترف بأن حدود دعم واشنطن تنتهي عند "هواجس" إسرائيل، التي ما زالت تستبيح الأجواء بذريعة الخشية من أي ردٍ قد يقوم به الحزب بعد اغتيالها رئيس أركانه هيثم طبطبائي منذ أسبوعين في الضاحية الجنوبية.
ولذلك، تجزم المصادر الديبلوماسية، بأن نتنياهو الذي سعى للتشويش على عمل لجنة "الميكانيزم" عند رميه ورقة "المفاوضات الإقتصادية"، قد خطا الخطوة الأولى نحو إحراج وإرباك المفاوض اللبناني، المدعوم من واشنطن، رغم أن تصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية الحالية أو في الكونغرس، ما زالت تشدّد على أولوية تنفيذ الحكومة اللبنانية لكل التزاماتها تجاه واشنطن ودول "الخماسية"، واتخاذ خطوات ملموسة لتطبيق "حصرية السلاح"، بدءاً بمناطق جنوب نهر الليطاني أولاً ثم الإنتقال إلى مناطق أخرى شمال النهر.
وبناءً عليه، فإن أقصى ما يمكن أن تقدمه إدارة الرئيس دونالد ترامب من خطوات مقابل الخطوة الأميركية، وفق ما تكشف المصادر الديبلوماسية، سيكون بدعم لبنان بالموقف وبالأداء، حيث أن الوعد ببيع لبنان مركبات وعتاد عسكري، قد شكّل ردة الفعل العملية الأولية، فيما أن الموقف يبقى حتى الساعة في نقطة وسطية، بحيث أن واشنطن لم تتحدث بعد بشكلٍ مباشر عن إلزام إسرائيل القيام بأي خطوة عبر الضغط عليها للإنسحاب، ولو بشكلٍ جزئي، من جنوب لبنان مع انطلاق عملية التفاوض في "الميكانيزم".
هل يعني هذا الموقف أن واشنطن تؤيد نتنياهو في قرار التصعيد بأي لحظة وبأي ذريعة قد يلجأ إليها؟ تجيب المصادر الديبلوماسية عن هذا السؤال، من خلال التعبير عن اليقين بأن قرار توسيع الحرب لم يُرفع عن الطاولة في حكومة نتنياهو، إنما توقيته معلّق، بعدما نجحت الجهود الدولية، وبمؤازرة أميركية أخيراً، بدفع شبح الحرب جانباً من دون أن تلغيه.