"ليبانون ديبايت"
ترك إعلان حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، عن “انكشاف المصرف على لبنان بقيمة 1.6 مليار دولار”، صدمةً في الشارع اللبناني، خصوصاً وأنه تحدث عن “ترحيل هذه المشكلة، رغم أن حقّ المصارف السورية على المصارف اللبنانية قائم ويمكن متابعته”.
ولكن “من أين جاء مبلغ الـ 1.6 مليار دولار؟”. عن هذا السؤال، يجيب أستاذ الاقتصاد البروفسور جاسم عجاقة، الذي يكشف في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، أن هذا الانكشاف المالي نشأ نتيجةً لقيام المصارف التجارية الخاصة في سوريا بإيداع أموالها بالعملة الأجنبية (الدولار) في المصارف اللبنانية.
أمّا عن الأسباب، فيحدّدها البروفسور عجاقة كالآتي:
ـ العقوبات الغربية على سوريا بعد عام 2011، حيث أصبح من الصعب على المصارف السورية التعامل مباشرةً مع النظام المالي والمصرفي العالمي.
ـ البديل الآمن آنذاك، إذ مثّل لبنان، بفضل قربه الجغرافي وتاريخه كمركز مالي إقليمي وبنيته المالية القوية نسبياً، المنفذ الرئيسي والوحيد تقريباً للمصارف السورية لإيداع وتوظيف أموالها بالدولار.
ـ العلاقات المصرفية المتشابكة: كان عدد كبير من المصارف الخاصة التي افتتحت فروعاً في سوريا خلال العقد الأول من الألفية الجديدة مصارف لبنانية الأصل، أو كانت تربطها علاقات وثيقة بالمصارف اللبنانية (مثل بنك الشرق، فرنسبنك سوريا، وبنك سوريا والمهجر). وبطبيعة الحال، كانت لهذه المصارف تعاملات وأصول مشتركة مودعة أو موظّفة مع المصارف الأم في لبنان.
ـ الهندسة المالية اللبنانية: قبل أزمة عام 2019، قدّم مصرف لبنان أسعار فائدة مرتفعة على الودائع بالدولار، ما شجّع البنوك الإقليمية، بما فيها السورية، على زيادة ودائعها واستثماراتها لديه.
ورداً على سؤال حول ما يشمله مبلغ 1.6 مليار دولار، يقول عجاقة إنه يمثل القيمة الإجمالية للأصول الأجنبية المجمّدة للبنوك التجارية السورية في النظام المالي اللبناني، وبشكل رئيسي ودائع المصارف السورية، حيث يعدّ هذا المكوّن الرئيسي والأكبر، ويمثل المبالغ الدولارية التي أودعتها المصارف السورية (العامة والخاصة) كاستثمارات مالية في حسابات المصارف اللبنانية. وقد يشمل أيضاً أنواعاً أخرى من الاستثمارات المالية أو الاستثمارات قصيرة الأجل التي قامت بها هذه المصارف في الأدوات المالية اللبنانية.
ويوضح عجاقة أنه وبمجرد انهيار النظام المصرفي اللبناني في عام 2019 وفرض ضوابط على رأس المال، جُمّدت هذه الودائع والاستثمارات بالدولار، ما جعلها تمثّل خسارة فعلية في الميزانيات العمومية للبنوك السورية، وهو ما دفع مصرف سوريا المركزي إلى اتخاذ قرار بتكوين مخصصات كاملة (100%) مقابل هذه القروض.