استقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، ظهر اليوم، في مقرّ المجلس في الحازمية، ممثّلة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في لبنان كارولينا ليندهولم بيلينغ، التي قدّمت عرضًا مفصّلًا حول نشاط المفوضية في لبنان.
وخلال اللقاء، قالت بيلينغ إنّها وصلت إلى لبنان منذ نحو شهرين، وعقدت سلسلة لقاءات مع مسؤولين رسميين، معربةً عن رغبتها في لقاء المرجعيات الروحية، ومؤكدةً أنّها أرادت أن تبدأ بسماحة العلامة الخطيب. وأوضحت أنّ دور المفوضية يتمثّل في دعم لبنان في حالات الكوارث، لافتةً إلى أنّ المجتمع الشيعي تحمّل أعباءً كبيرة خلال الحرب الأخيرة.
وأضافت أنّ للمفوضية دورًا في ملف اللجوء السوري، وقد جرى تفعيل هذا الدور بعد سقوط النظام السوري، معربةً عن رغبتها في الاستماع إلى رؤية العلامة الخطيب حول كيفية تعزيز الدعم للاجئين الذين وصلوا إلى لبنان بعد هذا التطور، مشيرةً إلى أنّ المفوضية تعمل بشكل نشط مع المدير العام للأمن العام والمحافظين لتحقيق هذا الهدف.
من جهته، رحّب العلامة الخطيب بالوفد، مشيرًا إلى أنّه كان منشغلًا بواقع الشريحة السورية التي وصلت إلى لبنان بعد سقوط النظام، لافتًا إلى أنّها لم تُعامل بالطريقة نفسها التي عومل بها النازحون السابقون، ومؤكدًا ترحيبه بسماع استعداد المفوضية لمساعدتهم.
وشدّد الخطيب على أنّ لبنان يدعم عودة جميع اللاجئين إلى ديارهم، معتبرًا أنّ هذا الملف يشكّل همًا كبيرًا للبنان على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وأكّد أهمية الاستقرار في دول المنطقة، لافتًا إلى أنّ إسرائيل لا تترك مجالًا لهذا الاستقرار، ولا تحترم منظمات الأمم المتحدة ولا القوانين الإنسانية الدولية.
وأضاف أنّ المجلس متمسّك بالقانون الدولي والمؤسسات الإنسانية، ولا سيما مفوضية اللاجئين التي تؤدّي دورًا إنسانيًا بالغ الأهمية، مؤكدًا دعم هذا الدور معنويًا بشكل دائم. وأشار إلى أنّ أسباب النزوح سياسية في جوهرها، وأنّ إسرائيل تؤدّي دورًا أساسيًا في العبث بخرائط المنطقة وما ينتج عن ذلك من اضطرابات.
ولفت الخطيب إلى أنّ ثمّة تحوّلًا في فهم الرأي العام العالمي للدور الإسرائيلي، معتبرًا أنّ ذلك يعزّز موقف المفوضية، التي تُعدّ شاهدًا على ما يجري، سواء في غزة أو في جنوب لبنان. وأكد الاستعداد لأي تعاون من شأنه تسهيل مهمة المفوضية، مع التشديد على أهمية معرفة حجم المساعدات المقدّمة للاجئين السوريين الذين نزحوا بعد سقوط النظام، إضافة إلى توسيع هذه المساعدات لتشمل النازحين اللبنانيين نتيجة العدوان الإسرائيلي بشكل أشمل.
بدورها، أكدت بيلينغ الدور الإنساني للمفوضية، مشيرةً إلى أنّها تعمل على نقل الصورة إلى المجتمع الدولي بشأن ما تقوم به إسرائيل، ومذكّرةً بأنّ لبنان تحمّل العبء الأكبر للنازحين نسبةً إلى عدد سكانه. وكشفت أنّ المفوضية طلبت من الدولة اللبنانية تسهيل تسجيل النازحين السوريين الجدد لتحديد طبيعة الاستجابة الدولية المناسبة لمساعدتهم، لافتةً إلى أنّ هذا الطلب طُرح خلال اجتماع مع نائب رئيس الحكومة اللبنانية.
وأوضحت أنّ المفوضية قدّمت مساعدات أولية لهؤلاء النازحين، وستقوم بزيارات ميدانية إلى مناطق البقاع والشمال لدراسة أوضاعهم بشكل أوسع، مؤكدةً ضرورة التعاون مع الدولة في هذا الإطار. واعتبرت أنّ العودة تبقى الأساس، مشيرةً إلى أنّه جرى حتى الآن إغلاق نحو 400 ألف ملف، على أن يتواصل العمل خلال السنة المقبلة لتسريع إقفال هذا الملف وتثبيت النازحين في أراضيهم ومنع عودتهم إلى لبنان.
كما لفتت إلى دور المفوضية في إغاثة النازحين اللبنانيين نتيجة الحرب الإسرائيلية، موضحةً أنّ الدعم شمل مناطق الجنوب، سواء بشكل مباشر أو عبر مؤسسات كالصليب الأحمر والدفاع المدني والأمن العام، إضافةً إلى تقديم مساعدات مادية مباشرة لبعض المحتاجين.
وفي سياق متصل، استقبل العلامة الخطيب وفدًا من الرهبنة الأنطونية برئاسة الأب بطرس عازار، يرافقه المدير العام الأب بشارة إيليا، حيث جرى عرض للأوضاع العامة.
وشدّد العلامة الخطيب خلال اللقاء على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة المرحلة الصعبة التي يمرّ بها لبنان في ظل العدوان الإسرائيلي، فيما قدّم الأب إيليا للعلامة الخطيب كتابيه بعنوان: "وثيقة الأخوّة الإنسانية قراءة تأويلية"، و"قراءة تأويلية من الوثائق النبوية إلى وثيقة الأخوّة الإنسانية".