أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا المجلس الجديد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، أنّ "العمل جارٍ من خلال التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصًا في الجنوب، والتفاوض لا يعني استسلامًا"، مشيرًا إلى أنّه "كرئيس للجمهورية سيسلك أي طريق يقوده إلى مصلحة لبنان، والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، وإنعاش لبنان اقتصاديًا، وتطوير دولته".
وشدّد الرئيس عون على ضرورة نقل الاغتراب الصورة الحقيقية عن لبنان إلى الخارج، لافتًا إلى أنّ "للأسف، هناك من اللبنانيين في الخارج من ينقل الصورة السيئة"، معتبرًا أنّ من يسوّق للحرب انفضحت لعبته، لأنّ هناك من يعيش على الحرب نفسها لإجراء الانتخابات على أساسها. وطمأن إلى أنّ الوضع في لبنان جيّد، وأنّ زيارة البابا أعطت صدى إيجابيًا.
في مستهل اللقاء، تحدّث الرئيس السابق للجامعة عباس فواز، مؤكدًا إيمان الجامعة بالدولة ولبنان، مشيرًا إلى أنّ الاغتراب اللبناني يعيش حنينًا مريرًا إلى بلده، وهو يؤيّد رئيس الجمهورية وإعادة بناء الدولة والمؤسسات، دولة العدالة والإنصاف والقوة التي تحمي جميع المواطنين، ليكون لبنان بلدًا نهائيًا لجميع أبنائه. وأطلع رئيس الجمهورية على أجواء المؤتمر الذي عقدته الجامعة بحضور ممثلين عن القارات الست في الثاني عشر من الشهر الجاري، والذي تم فيه انتخاب إبراهيم قسطنطين رئيسًا عالميًا جديدًا للجامعة بنسبة 90% من أصوات المؤتمرين.
ثم ألقى السيد قسطنطين كلمة شكر فيها الرئيس عون على رعايته الجامعة وإيمانه العميق بدور الاغتراب اللبناني وقدرته على مساعدة الوطن وتعزيز حضوره في مختلف أنحاء العالم. وأكد أنّ الاغتراب بألف خير، وأنّ الجامعة واحدة وشرعية وتمثل الاغتراب اللبناني ككل بعيدًا عن السياسة والطائفية والعنصرية، مذكّرًا بدور الجامعة منذ نشأتها في دعم الدولة ووحدة الاغتراب ولبنان وشعبه. وقال: "عندما نقول دعم الدولة، فهذا يعني دعم فخامتكم ومؤسسة الجيش اللبناني الذي نفتخر ونعتز به".
وردّ الرئيس عون مرحّبًا بالوفد ومهنئًا الجامعة بإنجاز الانتخابات التي تُعدّ دليلًا على وحدة الجامعة، وبفوز السيد قسطنطين على رأسها. وقال لأعضاء الوفد: "إذا كان الاغتراب بخير فلبنان بخير، وهذا هو دوركم، لأنكم بما وبمن تمثلون تشكلون لبنان الحقيقي. فلولا الاغتراب لما بقي لبنان".
وأكد حق الاغتراب في المشاركة في القرار السياسي من خلال الانتخابات، متمنيًا ألا تنعكس الصراعات الحاصلة على واقع الاغتراب، داعيًا إلى المحافظة على الترفّع عن الأمور الطائفية والمذهبية، مضيفًا: "أنتم لبنانيون وتتفيأون بالعلم اللبناني، ولدينا جميعًا أرزة وهوية واحدة. ليكن لبنان حزبكم وطائفتكم، لأنكم سفراء لبنان في الخارج وتمثلون أمل اللبنانيين، فابقوا قلبًا واحدًا، فهذا هو لبنان الذي نريد ونعمل على بنائه".
وطمأن رئيس الجمهورية الوفد إلى الوضع الراهن، منوّهًا بأنّ زيارة البابا أعطت صدى إيجابيًا، وأنّ الوضع الأمني ممتاز، وكذلك المؤشرات الاقتصادية، حيث للاغتراب دور أساسي في ذلك. ولفت إلى أنّه رغم هذه المؤشرات، لا يزال هناك من يتحدّث بسلبية عن لبنان ويحرّض على الحرب، مستغربًا هذا التفكير، في وقت يُسعى فيه إلى نقل البلاد إلى مرحلة جديدة، داعيًا إلى عدم التأثّر بالشائعات وكل ما يسيء إلى البلد.
وشدّد الرئيس عون على مسؤولية الاغتراب في إعادة النهوض بالبلاد، مؤكدًا أنّ إيمان اللبنانيين ببلدهم يكبر في ظل ما يمثله الاغتراب على مختلف الأصعدة. وردًا على سؤال، قال: "نعمل من خلال التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصًا في الجنوب حيث تستمر الاعتداءات الإسرائيلية من وقت إلى آخر، وهذا التفاوض لا يعني استسلامًا. ونحن نعتمد على المواقف التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب واهتمامه بموضوع السلام، ونعمل ما علينا في هذا الاتجاه".
وأضاف: "إنّ لبنان يُعاد بناؤه ويعود إلى الانتعاش من جديد، ولا يمكن له أن يذهب إلى الحرب. وأنا كرئيس للجمهورية سأسلك أي طريق يقودني إلى مصلحة لبنان، والمهم إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، وإنعاش لبنان اقتصاديًا، وتطوير دولته. هذا هو هدفي، وإذا كان من أحد لديه مشكلة مع هذا الهدف فليقل لي".
وشدّد على ضرورة أن يكون اللبنانيون مع لبنان لا مع الأشخاص، معتبرًا أنّ من يسوّق للحرب انفضحت لعبته، لأنّ "ثمة من يعيش على الحرب لإجراء الانتخابات على أساسها"، متسائلًا: "هل يجوز تشويه الصورة الحقيقية وبث الشائعات وتخويف اللبنانيين والمطالبة بالحرب كرمى مصالح انتخابية؟".
وختم الرئيس عون بالثناء على ما يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، مؤكدًا أنّ رد أموال المودعين هو أحد أبرز أهدافه، متمنيًا أن يشهد العام المقبل ولادة لبنان الجديد والدولة الجديدة الخالية من الفساد، وقد عادت الأراضي إلى أصحابها وعاد أهلها إليها.
إلى ذلك، كانت لرئيس الجمهورية لقاءات سياسية ونيابية ونقابية. سياسيًا، استقبل الرئيس عون نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، وأجرى معه جولة أفق تناولت الأوضاع السياسية الراهنة في ضوء التطورات الأخيرة.
وبعد اللقاء، تحدّث بو صعب إلى الصحافيين، متناولًا عمل لجنة "الميكانيزم"، وملف الاستقرار الأمني، والجلسة التشريعية، وقانون استقلالية القضاء، والاستحقاقات الانتخابية، مؤكدًا أنّ المناكفات والتحدي لا يوصلان إلى إجراء الانتخابات، وأنّ أي تعديل للقانون الانتخابي يتطلّب توافقًا سياسيًا، لافتًا إلى أنّ فتح المهل مجددًا لتصويت المغتربين يعني حتمًا تأجيلًا تقنيًا للانتخابات.
كما عرض الرئيس عون مع وزير المالية ياسين جابر الواقع المالي في البلاد، والمشاريع التي تعمل الوزارة على إعدادها، ومسار مشروع قانون "الفجوة المالية" المقرر عرضه قريبًا على مجلس الوزراء.
واستقبل عون رئيس الوفد اللبناني إلى مفاوضات لجنة "الميكانيزم" السفير سيمون كرم، وزوّده بتوجيهاته عشية الاجتماع المقرر بعد غد الجمعة.
كذلك التقى رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، حيث جرى عرض التحرك العمالي، مطالب موظفي القطاع العام، وقانون التقاعد والحماية الاجتماعية، إضافة إلى إطلاق المؤسسات العامة، ومن بينها مرفأ بيروت والمؤسسة الوطنية للاستخدام.