أشار وزير العدل عادل نصار إلى أنّ اللامركزية الإدارية ليست مجرد طرح نظري، ولا تقتصر على حسن تنفيذ اتفاق الطائف، بل تشكّل خيارًا يهدف إلى تنظيم الدولة والمجتمع في آنٍ معًا.
كلام نصار جاء خلال اجتماع تشاوري عُقد في وزارة العدل، بدعوة من الوزارة والمؤسسة اللبنانية للسِّلم الأهلي الدائم (LFPCP)، ضمن إطار مشروع "بناء مستقبل لبنان: مقاربة متعددة الاتجاهات لبناء الدولة والتعافي"، خُصّص لعرض ومناقشة الآليات والسبل الكفيلة بتطبيق اللامركزية الإدارية الموسّعة.
وأوضح نصار أن مقاربة اللامركزية تختلف تبعًا لأهداف من يطرحها، إذ يتعامل معها البعض من زاوية طائفية فتتحوّل إلى وسيلة لتوزيع مناطقي وفق الطوائف، فيما يطرحها آخرون كمدخل للفيدرالية، معتبرين أن مصطلح اللامركزية أكثر قبولًا سياسيًا، في مقابل تحفّظات واسعة على الفيدرالية.
وأضاف أن هناك من يتناول اللامركزية من باب دستوري ومن حسن تطبيق اتفاق الطائف، في حين يطرحها آخرون من منطلق الحوكمة الرشيدة وتحسين إدارة المرافق العامة والخدمات للمواطنين.
وشدّد نصار على أن تسييس المصطلحات وتحويلها إلى مادة للتجاذبات السياسية يُفقد لبنان فرص الإصلاح والإنماء، معتبرًا أن الخلط بين الهواجس الطائفية المشروعة واستغلال الطوائف لخدمة مصالح حزبية أو إيديولوجية هو أحد الأسباب الرئيسية للأزمة التي وصل إليها لبنان.
وأوضح أن اللامركزية تقوم على نقل عدد من الصلاحيات المحصورة بالدولة المركزية إلى المناطق، على أن تمارسها سلطات محلية منتخبة تتمتع بصلاحيات فعلية واستقلالية مالية تتيح لها تأمين الخدمات العامة بفعالية.
ولفت نصار إلى أن اقتراح قانون اللامركزية الإدارية وُضع وجرى إنجاز الجزء الأكبر منه في اللجان النيابية، مؤكدًا أنه لا مبرّر لتأخير إقراره.
وفي مداخلته، أكد رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميّل أن اللامركزية مفهوم قائم بذاته ولا يحتاج إلى توصيفات مالية أو سياسية أو إدارية، معتبرًا أن الخطأ الشائع في الحياة السياسية اللبنانية هو محاولة توصيف اللامركزية بدل تطبيقها وفق معاييرها الدستورية.
وأشار الجميّل إلى أن اقتراح القانون الذي تبنّاه منذ العام 2011، أُنجز أكثر من 75 في المئة منه بعد نحو 76 جلسة عمل، معتبرًا أن توقّف النقاش يعود إلى قرار سياسي يعرقل إقرار اللامركزية.
من جهته، شدّد النائب طوني فرنجية على أن اللامركزية الإدارية ليست شعارًا إداريًا، بل خيار وطني إصلاحي مرتبط مباشرة بمستقبل التنمية والإصلاح في لبنان، لافتًا إلى أن اتفاق الطائف أقفل الباب أمام الفيدرالية عبر إقراره اللامركزية الإدارية الموسّعة.
وختم فرنجية بالتأكيد على ضرورة الانتقال من الشعارات إلى الآليات التطبيقية الواقعية، بما يخدم مصلحة المواطن أولًا وأخيرًا.