لا يخفى أن الدعم الدولي ثابت لهذا المسار الذي تقدّم، وباعتراف كل الأطراف، باتجاه جعل منطقة جنوب الليطاني منطقة خالية من السلاح غير الشرعي، ومن شأن هذا الدعم أن يعزّز سيناريو دعم الجيش بالعتاد والتجهيزات اللازمة من أجل استكمال المراحل المتبقية من خطة "حصرية السلاح"، من قبل واشنطن وباريس والمملكة العربية السعودية.
ومع الإعداد للمرحلة الثانية التي ستشمل منطقة جنوب نهر الأولي، تتزايد الإشارات حول ضغطٍ ديبلوماسي مصدره إسرائيل، من أجل أن تشمل خطة حصر السلاح منطقة البقاع، والتي سبق وأن حاول بنيامين نتنياهو، ومن خلال استهدافها بشكل دوري رغم تفاهم وقف النار، أن يضمّها إلى جنوب الليطاني، وذلك لجهة استهدافها، إنما لم تشمل خطة الجيش إلى اليوم منطقة البقاع، في ظل معلومات متداولة عن بقاء الإجراءات العسكرية مركّزة على الجنوب، وتحديداً المنطقة الممتدة بين النهرين، وذلك بمعزلٍ عن أي اعتبارات أخرى.
وبينما تدخل الساحة السياسية مدار الأعياد وتتراجع وتيرة الحراك الديبلوماسي، فإن ترحيل أي نقاش في خطة الجيش، هو السيناريو المتوقّع على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً وأن الحكومة منخرطة بكل مكوّناتها بملف "الفجوة المالية"، ولن تكون في موقع يسمح لها بأن تخوض مواجهة جديدة مع "حزب الله" حول المرحلة المقبلة من الخطة، في لحظة "الكباش" مع جمعية المصارف حول توزيع الخسائر المالية بعد انهيار 2019.
وعند هذا الحدّ، فإن التعويل يبقى على أن تحمل الإستحقاقات المقبلة على مستوى الحكومة، قراراً باستكمال الآلية الخاصة بلجم أي محاولات للخربطة الأمنية على نطاق واسع، وذلك سواء عبر لجنة "الميكانيزم" التي تتحرّك وفق قواعد وأطر جديدة، أو عبر دينامية ديبلوماسية تقوم على حراكٍ مشترك أميركي ـ فرنسي ـ سعودي، تبلورت معالمه في اجتماع باريس الأخير.
وفي هذا المجال، تتحدث مصادر ديبلوماسية، عن توطئة للإنتقال من مرحلة الخروقات اليومية لتفاهم وقف النار، إلى مرحلة عسكرية وديبلوماسية جديدة، قوامها التنسيق المباشر بين أطراف مؤتمر باريس لدعم الجيش، وذلك من أجل التطابق في العمل "على الأرض" مع قرار الحكومة أولاً، ومع مضمون تفاهم 27 تشرين الثاني ثانياً، وإتجاهات الدول الصديقة للبنان ثالثاً.
لكن هذه المرحلة الإنتقالية محفوفة بالمخاطر، فيما يبقى المشهد الميداني معلّقاً على حجم التجاوب مع إجراءات الجيش والمطلوب بإلحاح من قبل كل الأطراف المعنية ب"حصرية السلاح"، والتي تتحكّم بالمعادلات الميدانية في مناطق شمال نهر الليطاني.
ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.
وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.