شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت زيارة غير اعتيادية لصحافي إسرائيلي يهودي يعمل في مجلة دينية حريدية، إلى مكان دفن الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي قُتل في أيلول من العام الماضي، في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الإعلامية الإسرائيلية.
الصحافي إسحاق هوروفيتس، العامل في مجلة حريدية تصدر في إسرائيل، زار الضاحية الجنوبية برفقة دليل لبناني، وتجول في مناطق تُعد من أبرز معاقل حزب الله. وخلال جولته، وصل إلى الموقع الذي اغتيل فيه نصر الله، كما دخل إلى المكان الذي دُفن فيه، حيث تم توثيقه بالصور إلى جانب القبر. ومن المقرر أن تنشر المجلة تقريرًا موسعًا عن هذه الزيارة في عددها الصادر يوم الخميس.

وبحسب ما أورده هوروفيتس في تقريره، فإن الضاحية الجنوبية ما زالت تشهد حضورًا كثيفًا لرايات حزب الله، فيما أوضح الدليل اللبناني الذي رافقه أن الحزب اشترى قطعة الأرض التي دُفن فيها نصر الله من شركة تأمين، ثم هدم المبنى الذي كان قائمًا في الموقع. وأضاف أن حزب الله يخطط لإقامة مسجد كبير في المنطقة المحيطة بالقبر.
وأشار الصحافي الإسرائيلي إلى أنه تردد في الدخول إلى الخيمة التي تضم قبر نصر الله، إلا أن الدليل طمأنه وطلب منه الالتزام بتعليماته بدقة. وقال له: “لا تقلق، افعل تمامًا ما أطلبه منك. ادخل، وإذا وُجهت إليك أسئلة، قل إنك لا تفهم العربية، وأنا سأجيب بدلًا منك”. كما نصحه الدليل بالقول إنه قدم من إسبانيا في حال سُئل عن هويته.
ولفت هوروفيتس إلى أن الدليل عبّر عن قناعة دينية-عقائدية لدى أنصار الحزب، قائلاً له: “السيد نصر الله المقدّس سيبعث من جديد، ونحن نصلي كي يعود لقيادة المقاومة ضد قوى الشر”. وأضاف الصحافي أنه لم يجرؤ على إدخال هاتفه المحمول إلى داخل المكان، لكن الدليل وافق على التقاط صورة له قرب القبر. وعند خروجه من الموقع، شاهد رجلًا أعمى، قال له الدليل إنه فقد بصره نتيجة انفجار جهاز “بيجر”، وأضاف: “الآن يحضرونه للصلاة عند السيد نصر الله”.
ويُذكر أن حسن نصر الله دُفن في بيروت في شباط الماضي، أي بعد نحو خمسة أشهر من مقتله. وقد شهدت مراسم التشييع تجمع مئات الآلاف من أنصار حزب الله في ملعب كبير في العاصمة اللبنانية، إضافة إلى نقاط أخرى في بيروت.
وبالتزامن مع مراسم التشييع، وفي محاولة لإحباط ما وُصف في إسرائيل بأنه استعراض قوة، حلّقت في أجواء بيروت أربع طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، من طرازي F-15 وF-35، على علو منخفض فوق المنطقة التي أُقيم فيها الاحتفال. وأفادت وسائل إعلام لبنانية بسماع دوي انفجارات صوتية قوية، في حين أكد الجيش الإسرائيلي تحليق طائراته فوق العاصمة اللبنانية، ونشر توثيقًا نادرًا للمهمة الجوية.
كما عادت الطائرات الإسرائيلية للتحليق فوق محيط الملعب أثناء بث كلمة الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، الذي لم يحضر شخصيًا مراسم التشييع. ووفق التقارير، حلّقت الطائرات مجددًا على علو منخفض جدًا فوق الحشود، التي كانت تردد هتافات من بينها: “لبيك يا نصر الله”، و”الموت لأميركا”، و”الموت لإسرائيل”.