أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف الرسمي بـ"جمهورية أرض الصومال" كـ"دولة مستقلة ذات سيادة"، موجة واسعة من الانتقادات والإدانات على المستويين الإقليمي والدولي، ما أعاد تسليط الضوء على هذا الإقليم وموقعه ووضعه السياسي.
تقع "أرض الصومال" في شمال غرب جمهورية الصومال ضمن منطقة القرن الإفريقي، ويحدّها من الشمال خليج عدن، ومن الشرق إقليم بونتلاند داخل الصومال، ومن الجنوب والجنوب الغربي إثيوبيا، ومن الغرب جيبوتي. وتمتلك ساحلًا طويلًا على خليج عدن يتراوح طوله بين 740 و850 كيلومترًا، ويمتد على نقاط استراتيجية قريبة من باب المندب، الذي تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة العالمية. وتقدّر مساحة الإقليم بنحو 137 ألفًا إلى 176 ألف كيلومتر مربع.
تاريخيًا، كان الإقليم محمية بريطانية عُرفت باسم "الصومال البريطاني" خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وفي 26 حزيران 1960 نال استقلاله عن بريطانيا، قبل أن يتحد مع "الصومال الإيطالي" في 1 تموز 1960 لتشكيل جمهورية الصومال.
وعقب سقوط نظام الرئيس الصومالي محمد سياد بري عام 1991 وتفكك الدولة المركزية، أعلن الإقليم من جانب واحد في 18 أيار 1991 انفصاله تحت اسم "جمهورية أرض الصومال". ويُرجع مسؤولوه سبب الانفصال إلى ما وصفوه بـ"سوء المعاملة وسياسات التهميش" التي تعرّض لها سكان الشمال، ولا سيما القبائل المحلية، خلال حكم سياد بري. ورغم تمتّعه باستقلال فعلي وامتلاكه مؤسسات دولة قائمة بذاتها، لم يحظَ الإقليم بأي اعتراف دولي رسمي حتى نهاية عام 2025.
ويتمتع الإقليم بنظام سياسي خاص، إذ يحكمه رئيس منتخب، ويضم برلمانًا ثنائي المجلس (مجلس شيوخ ومجلس نواب)، وسلطة قضائية مستقلة، إضافة إلى جهاز شرطة وجيش خاصين به. ويُوصَف نظام الحكم فيه بالجمهوري الديمقراطي، وقد شهد عدة دورات انتخابية رئاسية وبرلمانية ومحلية تخللتها عمليات انتقال سلمي للسلطة. وتعد هرجيسا العاصمة، إلى جانب مدن رئيسية أخرى مثل بربرة وبورا وبوراما ولاس أنود.
ويقدَّر عدد سكان "أرض الصومال" بنحو 5 إلى 6 ملايين نسمة، غالبيتهم من المسلمين الناطقين باللغة الصومالية، ويرتبطون قبليًا وثقافيًا بالشعب الصومالي. ويعيش نحو 55% منهم حياة بدوية رعوية، فيما يتركز الباقون في المناطق الحضرية والزراعية.
وعلى صعيد العلاقات الدولية، لم تحظَ "أرض الصومال" حتى نهاية عام 2025 باعتراف واسع من الدول أو من الأمم المتحدة، رغم النقاشات المستمرة حول مشروع الاعتراف الدولي. غير أن إسرائيل أعلنت في كانون الأول 2025 أنها أصبحت أول دولة تعترف رسميًا بـ"سيادة أرض الصومال"، في خطوة وُصفت بأنها تطور دبلوماسي قد يؤثر على مسار الاعتراف الدولي بالإقليم. في المقابل، لا تزال الحكومة الصومالية الفيدرالية تعتبر الإقليم جزءًا من أراضيها، مع استمرار المفاوضات بين الطرفين.
وفي هذا الإطار، أعلن نتنياهو اعتراف إسرائيل بـ"أرض الصومال دولة مستقلة وذات سيادة"، وأفاد مكتبه بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس "أرض الصومال" عبد الرحمن محمد عبد الله وقّعا اتفاق اعتراف متبادل.
وأثار هذا الإعلان إدانات عربية ودولية واسعة، إذ عبّرت دول عربية، بينها مصر وتركيا وجيبوتي، عن رفضها القاطع للاعتراف، معتبرة أنه "انتهاك صارخ لوحدة الأراضي والسلامة الإقليمية ومحاولة لتفتيت المنطقة". كما أكدت مواقف دولية أخرى أن هذه الخطوة "لن تحظى بدعم دولي إضافي وقد تؤدي إلى عزل أكبر لأرض الصومال". وفي السياق نفسه، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه "لن يعترف بأرض الصومال في الوقت الراهن"، على خلاف الموقف الإسرائيلي.