Beirut
16°
|
Homepage
لبنانيّون يرمون "السّكاكين" على الجيش.. أهكذا تكافئون الشّرفاء؟!
ريتا الجمّال | المصدر: ليبانون ديبايت | السبت 08 تموز 2017 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

أكثر من ستّ سنوات على مرور الحرب السوريّة والمجازر التي كانت تُرتكب يوميّاً بحق الشّعب السّوري، والإرهاب الذي دمّر الحجر والبشر وحوّل ملايين السوريّين والعرب إلى لاجئين ونازحين. سنوات عدّة على تحوّل الربيع العربي إلى آخر دمويّ. ربيع غطّت أوراقه مئات آلاف الجثامين الذين لم يرحلوا فقط دفاعاً عن الوطن بل قُتلوا على يدِ المؤتمنين على الوطن والمواطن وبسلاح أشقائهم أبناء البلد!

هذه الوقائع كلّها التي لن نغوص في تفاصيلها، حدثت وما تزال تسجّل أحداث ومعارك دامية، في الوقت الذي تقتصر فيه ردّات الفعل الدوليّة على الاستنكارات والإدانات وبعض المحاولات البسيطة من عمليّاتٍ عسكريّة لم تستطع "الدول الكبرى" أن تقضي من خلالها على "تنظيماتٍ صغرى" لا بل سمحت لها في التوسّع والتمدّد والانتشار لتصبحَ هي بموقع الهجوم على مواقع رسميّة، عسكريّة، سياحيّة، دينيّة، اقتصاديّة، وصلت إلى قلب أهمّ مطارات العالم والميتروهات والملاعب الرياضيّة الضخمة.. وأثناء مناسبات مهمّة واحتفالاتٍ لها طابع خاصّ ورسميّ. فيما المنظّمات الدوليّة لا حول لها ولا قوّة سوى تلك الماديّة التي لم تكن يوماً حلاً مناسباً لأيّة مشكلة.


في المُقابل، نجد أنّ لبنان هذه الدولة الصغيرة، التي تُعاني من مشاكل تساوي مساحة الدول الكبرى مُجتمعةً، والتي يحمل هويّتها مواطنين من مختلف الطوائف والمذاهب، ما تزال صامدة في ظلّ الحرائق المُشتعلة في المنطقة، وتنعم باستقرارٍ نسبيٍّ على الرغم من المخطّط الكبير الذي كان يقضي بإشعال فتنةٍ مذهبيّةٍ سنّية شيعيّة على غِرار ما يحدث في بعض الدول العربيّة، فكانت حالة أحمد الأسير والمعارك التي دارت في طرابلس والعمليّات الإرهابيّة التي ضربت مناطق ومراكز عدّة، وصولاً إلى خطف العسكريّين واندلاع معارك عرسال والجرود. ومع هذا كلّه وغيرها من الأحداث، التي حصلت في ظلّ شللٍ مؤسّساتيٍّ حكومي ونيابي وفراغٍ رئاسي، لم يركع لبنان للإرهاب لا بل جعل الإرهابيين يركعون أمامه. والفضل في هذا كلّه يعود إلى طرفين، الأوّل هو الشّعب اللّبنانيّ المثقّف الواع الذي عزّز التنوّع الطائفي ولم يسمح لأيّ طرفٍ خارجي أن يدخل بينه وبين شقيقه في الوطن الذي قد يختلف معه سياسيّاً ويصل إلى حدّ النزاع، لكن عندما يتعلّق الأمر بفريقٍ خارجيٍّ فيتّحد يداً بيد ضدّ هذا الأخير.

أمّا الطرف الثاني والأهمّ، فهو الجيش اللّبنانيّ والأجهزة الأمنيّة، التي بإمكاناتٍ قليلةٍ وشبه معدومة، تمكّنت من محاربة الإرهاب، وحماية الحدود اللّبنانيّة، والحفاظ على لبنان أرضاً وشعباً، بغضّ النظر عن مرّاتٍ قليلةٍ تمكّن فيها الإرهاب من خرق الاستقرار، وهذا أمر مُتوقّع، فالانتحاريين الذين نفّذوا عمليّاتهم في أضخم وأهم الدول والمراكز التي هي أشبه بثكنات عسكريّة، قادرون أيضاً على ضرب لبنان، ومع ذلك نجح الجيش من خلال عمليّاتٍ استباقيّة ووقائيّة من إبطال المخطّط الإجراميّ الإرهابي وتحقيق إنجازاتٍ كثيرة نوّهت بها دول العالم ورفعت لها القبّعة.

هذه الأسطر التي تلخّص جزءاً بسيطاً من أحداثٍ أليمةٍ، كُتبت للوصول إلى هذه الخاتمة الأساسيّة، التي يُمكن تقسيمها إلى نقاطٍ وعلامات استفهامٍ تُطرح، فيما يُترك لقارئها حريّة الإجابة.

قبل أيّام، نفّذت قوّة من الجيش اللّبنانيّ عمليّة تفتيش ودهمٍ واسعة في مخيّمي النور والقارية العائدين للنازحين السّوريين في عرسال، ولا داعي لشرح ما حصل بعدها من أحداثٍ وردّات فعلٍ، وهجومٍ على الجيش وعلى اللّبنانيّين فالكلّ بات خبيراً عسكريّاً ودوليّاً ومتحدّثاً باسم حقوق الإنسان، ولم يلتفت إلى الانتصار الكبير الذي حقّقه الجيش يومها. ولم يكتب عن عملٍ بطوليٍّ عجزت عن تحقيقه جيوش العالم وإمكاناتها الكبيرة، وحصر قلمه في مهاجمة الجيش في قضيّة وفاة الموقوفين الأربعة، رامياً سهامه إلى مكانٍ واحد لا غير، ولكن ألم ينتبه هؤلاء إلى الطريقة التي نفّذ فيها الجيش عمليّة الدهم، والقدرة العالية والحذر والهدوء وحرص العناصر العسكريّة على إنجاح هذه العمليّة من دون تعريض حياة أي نازحٍ للخطر؟!

ألم يلاحظوا مثلاً أنّ المخيّمين كانا مليئين بمئات النّازحين السّوريّين من أطفالٍ ونساءٍ ورجال وعائلات دخل بينهم إرهابيين وانتحاريين استغلّوا وضعهم ليحوّلوا المخيّمات إلى ملاذاتٍ آمنةٍ لهم يحتمون بها لأنّهم يُدركون سلفاً أنّ الجيش لن يقوم بأيّ عمليّةٍ عسكريّةٍ كبيرة منعاً لسقوط ضحايا أبرياء، ومع ذلك وعلى الرغم من أنّ حياة العسكريين التي كانت في خطر حَرصَ الجيش على عدم ارتكاب خطواتٍ عشوائيّةٍ هجوميّة غير مدروسة وضحّى بنفسه كي لا يعرّض حياة أي نازحٍ للخطر فيما الانتحاري فجّر نفسه وسط عائلته وأهله ولم يأبه لأبناءِ بلده وهويّتهم؟!. أهكذا يكافأ الجيش؟! أهكذا نهنّئ الجيش الذي أوقف رؤوساً إرهابيّةً كبيرة؟!

قد يكون حصل خطأ أو تجاوز بعض العسكريّين الأوامر المُعطاة لهم، ويجب أن يُحاسب في حال ثَبُتَ تورّطهم بوفاة الموقوفين، ولكن لم هذا الهجوم كلّه قبل إجراء التحقيقات لكشف ملابسات ما حصل؟ ولم التعتيم عن الإنجاز الأهمّ وحصر الموضوع بزاوية واحدة قد يتبيّن لاحقاً أنّ الجيش بريئاً منها؟! ولِمَ رفع شعار حقوق الإنسان بهذه الطريقة، فأين حقوق الإنسان والجمعيّات المعنيّة أو الدول التي تُدين ما حصل، من المجازر اليوميّة التي مرّت سنون عليها، والفقر الذي بات ظاهرةً قاسيةً قد تدفع إلى سلوك طريق الإرهاب، وأين هي من الاعتداءات التي تحصل في أكبر سجون العالم. وأين هي من ملفّ النّازحين والخطر الذي يُهدّد أمن واستقرار ومعيشة وحياة اللّبنانيين، والعدد الذي تخطّى المليونين في ظلّ صمتٍ دوليٍّ وكلام مادّي بسيط؟ ألا يُفترض بها أن تحمي مخيّمات النازحين وهي تعلم أنّ الإرهابيين يلجأون إليها للاختباء والتخطيط أم تسعى لتحويله إلى مخيّمٍ شبيهٍ بـ"عين الحلوة"؟!.

فللذين يهاجمون الجيش اللّبنانيّ واللبنانيين الذي يدعون أيضاً إلى عودة النازحين السّوريين إلى أراضيهم ومناطقهم الآمنة، بطريقةٍ شعبويّة غير منطقيّة، عليهم أن يُدركوا أنّ الشّعب اللّبناني فعل ما لم تستطع كلّ الشعوب والدول العربيّة فعله، فاستقبل أعداداً تفوق قدرته على التحمّل، وعاملهم بإنسانيّة واحترامٍ، وإن حصلت بعض التجاوزات فهي تعبّر عن عددٍ من المواطنين ولا تمثّل الشعب ككلّ. أمّا رفع الصوت لإيجاد حلٍّ لهذه القضيّة فهو يصبّ في مصلحة السّوريين واللّبنانيين معاً، فمن حقّ اللّبناني أن يُعبّر عن غضبه وهو يخسر عمله ومورد رزقه، وهو يرى كيف يرتفع منسوب الجرائم، وكيف باتت الطرقات والمناطق والأحياء مكتظّةً بالسّكان. هذا حقّه ومن المؤكّد أنّ من يتحدّثون بالعواطف هم أوّل من "ينقّون" من الوضع، كذلك من حقّ السوريين أن يعودوا إلى أرضهم أو ينعموا بحياةٍ أفضل من تلك الموجودة في المخيّمات...

لذا فكّروا مليّاً، وإن أخطأ الجيش، فلا تنسوا أنّه حامي الوطن وأنّه يقاوم ويحارب العدو وأنتم تعلمون جيّداً زواريب السّياسة الضيّقة والوضع الذي تمرّ به المؤسّسة العسكريّة، ولكنّ هذه المشاكل كلّها لم تحدّ من قوّته وعزمه وتصميمه على الدفاع عن لبنان.. "فطولوا بالكن ع الجيش فهو الوفاء والشرف والتضحية، والقوا التحيّة له بدل رميه بالسّكاكين والسّهام في الصميم، وإن ثَبُت تورّطه في وفاة الموقوفين، فإنّ الفاعل هو شخص أو اثنين أو عشرة ولكنّهم لا يعبّرون عن مؤسسةٍ بكاملها، وقائد الجيش يعلم جيّداً أصول المُحاسبة والعقاب، وادعوا له بالتوفيق في معركته ضدّ الإرهاب التي تستوجب في بعض الأحيان حصول خرقٍ من هنا أو هناك.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر