Beirut
16°
|
Homepage
مجالس العمل التحكيميّة تخالف القانون.. وبحاجة إلى إصلاح!
رولان اسبر | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 20 تموز 2017 - 1:30

مجلس العمل التحكيمي هو محكمة استثنائيّة تنظر في النزاعات الفرديّة

عدم مُراعاة الأصول المستعجلة في المحاكمات

تلكّؤ مفوّضي الحكومة عن القيام بواجباتهم وتقديم مطالعاتهم

ممثّلو أرباب العمل والأُجَرَاء لا يقومون بأيّة وظيفة في المجلس

التحقيقات التي تُجريها وزارة العمل هي غير مجدية


"ليبانون ديبايت" - المحامي رولان اسبر:

تُعتبر اليد العاملة المُتخصّصة من دعائم الاقتصاد الأساسيّة، كونها تُساعد في نهضة الاقتصاد وتدعم الشّباب للبقاء في هذا الوطن والعمل فيه والمساهمة في نموّه الاقتصادي. بيد أنّ الواقع في لبنان مُغايرٌ تماماً لهذا المبدأ، إذ يُعاني البلد منذ فترةٍ طويلة جدّاً من هجرة الشّباب اللّبناني المثقّف، النشيط، الحائز على شهاداتٍ علميّةٍ عالية الدرجات، والأمر نفسه بالنسبة إلى اليد العاملة المُتخصّصة التي لا تعمل في لبنان نتيجة خوفها من أمورٍ كثيرة تحصل وتضرّ بها، ومن أهمّ هذه الأسباب، غياب أيّة حماية قانونيّة وقضائيّة لعقود العمل المُوقّعة مع الشّركات المحليّة أو الأجنبيّة الواقعة في لبنان، تماماً كغياب العدالة لدى مجلس العمل التحكيمي، ما يشكّل حالة خوفٍ وقلقٍ عند الشّاب اللّبنانيّ للانخراط في سوق العمل، خشيةً على حقوقه ومستقبله المهنيّ.

وانطلاقاً من أهميّة دور هذا المجلس يجب الإضاءة على كافّة النصوص القانونيّة المُتعلّقة به للتذكير بدوره وواجباته في ظلّ المخالفات الصريحة التي تطال موادّ وردت بوضوحٍ وتفصيل في قانون العمل لكنّها بقيت حِبراً على ورق. علّه مع نشرها يمكن أن يستفيق البعض ويعمل على إجراء إصلاحاتٍ باتت ضروريّةً وملحّةً ولا تحتمل أيّ تأخير؛ فالخاسر قبل كلّ شيء هو لبنان الذي يرى شبابه تبدع وتحلّق في الخارج والغرب كما الدول العربيّة يستثمر طاقاته ويستفيد منها فيما لبنان يُعاني من تقلّص اليد العاملة المُتخصّصة والكفوءة.


إنّ مجلس العمل التحكيمي هو محكمة استثنائيّة تنظر في النزاعات الفرديّة النّاشئة بين أرباب العمل والأُجَرَاء، إذ تنصّ المادة 79 من قانون العمل على أنّ "المجلس التحكيمي يختصّ بالنظر في الخلافات الناشئة عن الحدّ الأدنى للأجور، وبالنظر في الخلافات الناشئة عن طوارئ العمل المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 25 الصادر في 3 أيّار 1943. وكذلك بالنظر في الخلافات الناشئة عن الصرف من الخدمة وترك العمل وفرض الغرامات، وبصورةٍ عامّة في جميع الخلافات الناشئة بين أرباب العمل والأُجَرَاء عن تطبيق أحكام هذا القانون".

بالإضافة إلى هذه النقاط القانونيّة، تنصّ المادة 80 من القانون نفسه على أنّ "مجلس العمل التحكيمي ينظر في القضايا المرفوعة إليه بالطريقة المُستعجلة، وتُعفى هذه القضايا من الرسوم القضائيّة دون النفقات فهذه تبقى على عاتق الفريق الخاسر".

من ناحيةٍ ثانية، يتألّف المجلس من قاضٍ رئيسٍ من الدرجة الحادية عشرة وما فوق يعيّن بمرسوم بناء على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى، بالإضافة إلى مُمثّل عن أرباب العمل ومُمثّل عن الأُجَرَاء، يُعيَّنان بمرسوم بناءً على اقتراح وزيري العمل والشؤون الاجتماعيّة، إلى جانب عضوَين ملازمَين، واحد عن أرباب العمل والثاني عن الأُجَرَاء ليقوم كلّ منهما مقام المُمثّل الأصيل عند غيابه أو تعذّر حضوره وذلك بمرسوم بناءً على اقتراح وزيري العمل والشؤون الاجتماعيّة.

هذا ويُعيّن لدى المجلس مفوّض حكومة يؤخذ من بين موظّفي الفئة الثّالثة في الإدارات العامّة على أن يكون حائزاً على شهادة الإجازة في الحقوق. وتحدّد مهامه وصلاحيّاته بمرسوم بناءً على اقتراح وزيري العمل والشؤون الاجتماعيّة.

أمّا بالنسبة إلى مخالفة مجالس العمل التحكيميّة لقانون العمل، فتبرز على الشّكل الآتي:

أولاً- عدم مُراعاة الأصول المستعجلة في المحاكمات بحيث تمتدّ الدعاوى لأكثر من خمس سنوات حتّى صدور الحكم.

ثانياً- تلكّؤ مفوّضي الحكومة عن القيام بواجباتهم وتقديم مطالعاتهم بسبب عدم تفرّغهم لعملهم في المجلس، علماً أنّهم موظفون كأيّ موظّف لديهم مهام وعليهم القيام بها في وزارة العمل.

ثالثاً- ممثّلو أرباب العمل والأُجَرَاء لا يقومون بأيّة وظيفة في المجلس وهم في معظم الوقت مستمعون لا يدرسون أيّة ملفات وليس لهم أي دور في المُحاكمات. خصوصاً أنّ هؤلاء لا يحملون أيّة شهادات جامعيّة لأنّ القانون لم ينصّ على هذا الشرط لتولّي هذا الموقع أو الوظيفة.

رابعاً- إنّ التحقيقات التي تُجريها وزارة العمل بناءً على طلب أو رأي مفوّض الحكومة، هي غير مجديةٍ وتمتدّ لأشهرٍ طويلة ولا تتمتّع بالحِرفيّة والمهنيّة اللاّزمة.

وفاقاً لهذه الوقائع كلّها سواء المادية والتجاوزات الواضحة أم القانونيّة التي وزّعت الأدوار ونصّت على حقوقٍ وواجبات، نرى أنّ مراجعة مجلس العمل التحكيمي، باتت "بلا طعمة أو نتيجة أو فائدة" للعمال وللأُجَراء، على اعتبار أنّ الأحكام تصدر بعد سنين طويلة قد تصل إلى عشرة سنوات، في حين لا تصدر الأحكام النهائيّة كما هو منصوص في قانون العمل أي خلال مهلةٍ أقصاها ثلاثة أشهر نظراً لصفة الاستعجال، لتذهب الحقوق مع رياح الوقت والزمن وتفقد قيمتها حتّى أنّ العامل نفسه يفقد حماسه ويملّ من الانتظار بغية تحصيل أبسط حقوقه لا بل سيخسر أموالاً أيضاً وسيبذل جهوداً كبيرة ويضيع حياته راكضاً داخل أروقة المحاكم، ما يدفعه من الأساس إلى البحث عن وظيفةٍ في أيّ بلدٍ أجنبيٍّ كان أم عربي تريحه من هذه الهموم، وتؤمّن له الأمان والحماية والاستقرار غير المتوفّر في بلده الأمّ.

وبعد هذا الشّرح المُفصّل الذي لا يستند إلى آراءٍ شخصيّة أو تحليلات، بل مُدعّم بنصوصٍ قانونيّةٍ واضحة وصريحة، على وزيري العدل والعمل، إضافة إلى مجلس القضاء الأعلى والنقابات العماليّة، تصحيح هذا المسار، والقيام بورشةٍ إصلاحيّة نوعيّة وكبيرة، لتغيير هذا السّلوك والنهج الذي يعتمده مجلس العمل التحكيمي.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 9 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 10 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 11 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 7 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 8 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر