Beirut
16°
|
Homepage
حزب الله في سوريا.. باقٍ ويتمدّد
حسام عطايا | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 25 تشرين الأول 2017 - 12:12

ليبانون ديبايت - حسام عطايا

أذكر جيداً تاريخ 25 أيار 2000، كنت حينها في الثالثة عشر من العمر. ذكريات هذا اليوم وما تلاه من أحداث لا زالت في ذاكرتي كالدمغة. قد أنسى اسمي ولا أنسى هذه اللحظات التاريخية من عمري. كنت حينها طفلاً ما لبث أن بلغ الحلم أحضّر لامتحانات الشهادة المتوسطة، أمحص في كتاب التاريخ بحثاً عن علامة هنا وعلامة هناك وكان والدي يشاهد قناة المنار وكنت كلما علا صوتي محاولاً حفظ ما تبقى لي من سطور تاريخ لبنان الحديث جهد أبي لرفع صوت التلفاز حتى بتنا لا يسمع أحدنا الآخر.

وأذكر تماماً المشاهد التي كانت تمر أمامنا كبثٍ حيّ، يومها كان الإعلام الأجنبي كما اللبناني في كل شبر من الجنوب حتى أنه يُخيل لك أن الجنوب هجرته إسرائيل واحتلته الصحف الأجنبية. طال بنا النظر وللاستماع إلى قناة المنار حتى وصل بنا المطاف إلى مقابلة مباشرة مع أحد ضباط المقاومة في حينها مع مراسلة فرنسية ترتدي حجاباً باهتاً، تتدلّى جدائلها خارج الحجاب وترتعش خوفاً أمام هالة المقاتل...


- ماذا بعد تحرير هذه الأراضي من أيدي جيش الدفاع الإسرائيلي؟ هل سينسحب حزب الله إلى خلف حدود نهر الليطاني؟ هل سيسلم سلاحه للدولة اللبنانية تحت إشراف الأمم المتحدة؟ -تسأل الصحافية الفرنسية بلهجة عربية هزيلة

- بسم الله الرحمن الرحيم ... إن الجيش الإسرائيلي ليس جيش دفاع، يجيب الضابط في حزب الله، بل هو جيش محتل .... وحزب الله هو ابن هذه الأرض وهو ملحها ودمنا من دمها وما حققناه اليوم يحتم علينا كمقاومة الحفاظ على ما حرّرناه من نقاط وقرى وسنعمل على تثبيت نقاطنا بالتعاون مع الجيش اللبناني في المناطق الموجود فيها لمنع أي محاولة أو تفكير إسرائيلي في معاودة احتلال أية بلدة أو قرية لبنانية، باقون جنوب وشمال الليطاني حتى زوال الكيان الغاصب.

لست أدري إن كانت الصحافية الفرنسية آنذاك تسأل أم تنقل أمنية الدولة الفرنسية، تماماً كما ورد اليوم في مقال أحد أهم المواقع الإلكترونية في لبنان حول انسحاب حزب الله من سوريا خلال أيام وبشكل سريع ....

من يتابع الواقع الميداني للحرب السورية يعي تماماً أنه ومنذ معارك "القصير" حتى الآن، فإن سوريا باتت بالنسبة لحزب الله جزء لا يتجزأ من الخريطة العسكرية والسياسية، وأي ملف عسكري أو سياسي خارجي كان أم داخلي يُقارب من زاوية ارتباطه بالتقدم الميداني للحزب ضمن الأراضي السورية.

شئنا أم أبينا، فإن حزب الله بعد الحرب السورية بات حزباً أمميّاً وبات يقارع القوى العالمية، وما قدمه الحزب منذ خمس سنوات حتى الآن من جهد مقاتليه ودمائهم ومن استنزاف على المستوى اللوجستي والمادي حوّل مجرى مستقبل سوريا الدولة من دولة عربية مقاومة إلى كيان يافع منتج ومصدر للفكر المقاوم.

إن كان حزب الله يدأب ومنذ سنوات على تحرير المحافظات السورية جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري، ويزرع في كل منطقة تطؤها أقدام مقاتليه دماً، فهل من المنطقي أن ينسحب في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ الحرب؟ وبالأخص في ما يسمى مرحلة رسم الخريطة السياسية الجديدة في سوريا؟

وإن كان التموضع الكثيف للحزب في الآونة الأخيرة في المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا عند نقاط دير الزور يُجابه على عدة نقاط تلي منطقة الدير نحو البادية وصولاً إلى تدمر طمعاً بالعودة إلى منطقة القريتين، وصولاً إلى الأراضي اللبنانية، فهل من المنطقي من الحزب أن يسحب قواته من الأرض السورية في خضمّ المعارك الحرجة للجيش العربي السوري؟

ما يحصل في سوريا من قبل حزب الله ليس سوى إعادة تموضع للقوات من الداخل السوري وإلى الداخل السوري أيضاً، إذ يعمل الحزب على تثبيت نقاط استراتيجية في الأراضي المحرّرة ونقل المقاتلين والعتاد من أماكن ساخنة إلى مناطق أكثر سخونة، والدليل على ذلك أنه وبعد إعلان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله انتهاء المعارك في الجرود اللبنانية وانسحاب المقاومة منها، قام الحزب بنقل هذه القوات من الداخل اللبناني إلى الداخل السوري وليس إلى الضاحية الجنوبية لبيروت أو الجنوب أي أن الحزب توغّل في الأراضي السورية أكثر فأكثر.

أمّا في ما يتعلق في فكرة إعادة مقاتلي الحزب وانسحابه من الأراضي السورية نحو لبنان من أجل التحضير لمعركة قريبة مع العدو الإسرائيلي، فإن من يتابع الشأن الإسرائيلي وصحافة الكيان الصهيوني لا بد له أن تابع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان التي واجهها الجيش الإسرائيلي اليوم ونفاها بشكل تام وقد أكدت إسرائيل عبر أجهزتها الأمنية والعسكرية أن الحزب ليس بحاجة إلى تعزيز قواته لمجابهة أي حرب مقبلة مع إسرائيل...

الوحدات العسكرية التي يملكها حزب الله كافية لفتح عدة جبهات في آن واحد. فالحزب يملك وحدة عسكرية متخصصة منوطة بأية مواجهة مع العدو الإسرائيلي تختلف كلياً عن التشكيلات العسكرية الحالية المقاتلة في سوريا من الناحية الوظيفية بل إن العتاد اللوجيستي والعدة للحرب مع إسرائيل تختلف كماً ونوعاً عن غيرها في أية منطقة وأي بلد. وأيضاً، فإن ما يطمح إليه الحزب هو تعزيز قواته في الأراضي السورية من أجل نقل المعركة من الحدود اللبنانية الفلسطينية إلى حدود أكثر اتساعاً ورقعة أعمق لتكون مرابض صواريخه كافية للمدى والأهداف العسكرية المنوط تدميرها في الداخل الإسرائيلي.

أسباب عدة، هذه بعضها تفضي للإسهاب في التفكير أن الحزب أكبر بكثير من أن يترك أية بقعة زُرعت فيه راية باسمه ويغادرها في غير أوانها.

بات اليوم عمري يناهز الثلاثين، ولم أعد ذلك الطفل اليافع ذو الثلاثة عشر ربيعاً، وأنا على يقين أكثر من ذي قبل أن ما لم يقم به حزب الله منذ سبعة عشر عاماً بعد تحرير الجنوب لن يقوم به اليوم لا بل على العكس، فإن المقاومة باقية وتتمدّد.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
باسيل يدير ميشال عون 9 خطر كبير يهدد سكان الأشرفية ودعوة عاجلة لـ "حراسة ذاتية".. نديم الجميل يرفع الصوت! 5 دير الأحمر اتخذت قرارها بشأن السوريين… المهلة حُدّدت وهذا ما سيحصل غداً! 1
بينهم سوريَّين... الجيش يوقف 6 أشخاص! 10 "قلق وخوف" في طرابلس... على المسؤولين التحرّك فورًا! 6 فضيحة "مدوّية" هزّت لبنان... انتبهوا لأطفالكم! 2
بعد الإشارة بحقّه في قضية "التيكتوكرز"... سنجر يكشف خلفية الهجوم عليه! 11 مقتل رجل أعمال في مصر يثير الشكوك! 7 سحب العناصر "أنجز" 3
درجات الحرارة إلى ارتفاع كبير... وهذه المناطق ستنال حصّة الأسد! 12 "حدثٌ عظيمٌ"... جنبلاط يتحدّث عن "يوم النصر"! 8 من جديد... راصد الزلازل الهولندي يثير الجدل بمنشور عن "العرب" 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر