Beirut
16°
|
Homepage
"التهريب المُقونَن".. خسائر بـ500 مليون دولار
نهلا ناصر الدين | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 26 تشرين الأول 2017 - 0:00

الجمارك قلب الاقتصاد وعليها تقع مسؤوليّة ضخّ البضائع

تجارةٌ كاملةٌ مبنيّةٌ اليوم على الاقتصاد غير الشرعي

حلّ مشكلة الفساد الجمركيّ لا تكون إلّا عبر مكننةٍ كليّة


"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

كثيرةٌ هي أبواب الهدر والفساد في هذا البلد الصغير، ويأتي الفساد الجمركيّ على رأس اللّائحة التي تُخسِّر الدولة اللّبنانيّة مئات ملايين الدولارات سنوياً، بينما تلعب الإدارات المعنية دور المُتفرّج المُمتعض علناً والراضي سرّاً، ونراها ترفض المكننة وتحاربها خشيةً على جيوبٍ تصبّ بها مزاريب الفساد.

وعن هذا الفساد كان لـ"ليبانون ديبايت" حديثاً مع الوزير السابق فادي عبود. الذي بدأ حديثه بالتنويه بأداء موظّفي الجمارك مع وجود المدير العامّ الجديد والمجلس الأعلى للجمارك، لما قاموا به من زيادة مداخيل الجمارك حوالي 230 مليار ل.ل مقارنةً مع عام 2016.


فـ"الجمارك هي قلب الاقتصاد النابض، وعليها تقع مسؤولية ضخِّ البضائع استيراداً وتصديراً" وإذا كانت الجمارك بخير فهذا يعني أنّ الاقتصاد بخير، علماً "أنّ كلفة تخليص البضائع بالاستيراد والتصدير قد تكون من الأغلى في العالم".

ويرى عبود أنَّ حلَّ مشكلة الفساد الجمركيّ لا تكون إلّا عبر مكننةٍ كلّيةٍ لأجهزة الجمارك تُضيّق هامش ابتزاز المستورِد أو المُصدّر من قِبل العنصر البشري (الموظف)، والتخلّص من الإجراءات التي هي من دور العثمانيّين والانتداب الفرنسي للبنان. و"التحسين والتغيير ليس بمعجزةٍ بل يمكن استقاؤه من الإجراءات المُتّبعة في المرافئ والمطارات العالميّة".

وهو الروتين الإداريّ البشريّ الذي يلجأ المواطن لشركات تخليص المعاملات الجمركيّة مقابل أموالٍ خياليّة للتخلّص منه، والحصول على طلبه. وهي عمليّةٌ تساهم بوقف النموّ الاقتصادي في البلد، فتأخير تسليم البضائع لأصحابها يُؤثّر على عملهم الذي يمكن أن يُؤثّر بدوره على الإنتاج وبالتالي على النمو الاقتصادي.

ويُؤكّد عبود أنّ من المشاكل الكبرى والأساسيّة في الفساد الجمركي، هي قضية التهريب المُقونَن، فـ"نسبةٌ كبيرةٌ جدّاً من البضائع الاستهلاكيّة التي تدخل إلى لبنان تدخل بفواتير مُخفّضة أو مُزوّرة وهي الفاتورة التي تُكلّف لبنان وحدها أكثر من 500 مليون دولار سنويّاً".

كما أنّ هذه الفاتورة تساعد بالتهرّب من الضريبة على القيمة المُضافة داخل السوق، واليوم في السوق (حسب إحصاءات البنك الدوليّ) هناك أكثر من 40 في المئة من البيع والشراء يتمّ تحت الطاولة ومن دون TVA.

ولتفادي الوقوع في شركِ هذه الفاتورة، يقول عبود: "بلدان عدّة كانت تُعاني من المشاكل نفسها ولكنّها قامت بالاعتماد على شركات تدقيقٍ عالميّة يمكن أن تكشف على البضاعة في بلد المنشأ، من ثلاث نواحٍ: النوعية، العدد والسعر، فيأتي المُستوعب من الخارج مع نتائج الكشف ما يُسهل عمليّة الجمارك ويُخفّف من الفساد المُتمثّل بالرَشاوى، إذ تأتي البضائع شبه مُخلّصة".

وينفي عبود أن تكون الحجّة بأنَّ أجهزة الجمارك غير قادرةٍ على ضبط الفاتورة المُخفّضة صحيحةٌ، لأنّ للجمارك الحقّ حتّى بعد تخليص البضائع ووصولها إلى مستودعات أصحابها بأن يكشفوا عليها ويتأكّدوا من أسعارها ويُراسلوا الشركات التي تمّ شراء البضائع منها.

فـ"التهريب المُقونَن عبر الفاتورة المُخفّضة هو أخطر من التهريب العاديّ، ويُشكّل أضعاف أضعاف التهريب الحقيقيّ، وإلى حين الوصول إلى أجهزةٍ تكشف قيمة الفواتير الحقيقيّة، يمكن أن تحلّ شركات التدقيق العالميّة هذه الأزمة ما يزيد على مدخول الجمارك بمبالغ أقلّها 500 مليون دولار".

أمّا المسؤوليّة فهي مشتركةٌ بين المجلس الأعلى للجمارك والمديريّة العامّة للجمارك، فالأوّل هو سلطةٌ تشريعيّةٌ والثانية هي سلطةٌ تنفيذيّة، وبكلِّ سهولةٍ يمكنهما أخذ هذه الحلول بعين الاعتبار إذا ما توافرت الإرادة.

ولكن لماذا التأخّر والمُماطلة في السّير بالحلول؟
يُجيب عبود: "هناك شبكةٌ كبيرةٌ تعيش على الفاتورة المُخفّضة، من مستوردين، موظّفين، وشركات كلّ عملها قائم على الفاتورة المُخفّضة، فالتاجر يبيع للموزّع والموزّع يَبيع للمحال التجاريّة والمحال التجاريّة تَبيع للمستهلك من دون TVA، وفي كلِّ مرحلةٍ تخسر الدولة، على اعتبار أنَّ كلّ حركةٍ اقتصاديّة عليها ضريبة".

فـ"تجارةٌ كاملةٌ مبنيّةٌ اليوم على الاقتصاد غير الشرعيّ وهو الذي اقترب حجمه من أن يوازي حجم الاقتصاد الشرعيّ". فهل من آذانٍ صاغيةٍ تأخذ بعين الاعتبار حلولاً يمكن أن تُزوّد الخزينة بمبالغ طائلة من الأموالِ بدلاً من ارتجالِ قوانين ضرائب تسرق لقمة المواطن من فمه...؟!
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد الحادثة الأليمة... أول تعليق لوزير الإتصالات! 9 بخاري يقاطع السنّة 5 عطلة رسمية بمناسبة "عيد المقاومة والتحرير"! 1
خطةٌ لترحيل عدد من المساجين السوريين... البيسري يكشف! 10 باسيل لم يحصل على الإعتذار… ويتراجع! 6 "علاقة حميمية" تثير البلبلة في بلدة جنوبية! 2
إقفال وإنذارات... مكافحة فوضى النزوح بدأت! 11 فيديو لمجموعة شبان أشعل الرصاص في عكار! 7 "حذار اللعب بالدين"... بيانٌ من الإفتاء الجعفري بشأن "شادن فقيه"! 3
انخفاضُ في أسعار المحروقات! 12 إجتياح رفح: قطع الإتصال فوق الأرض وتحتها 8 بنك أهداف قوي... و30 ألف قتيل! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر