Beirut
16°
|
Homepage
الزواج المدني.. من نقابة المحامين إلى مجلس النّواب
نهلا ناصر الدين | المصدر: ليبانون ديبايت | السبت 04 تشرين الثاني 2017 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

في العام 1998 طُرح الزواج المدنيّ للمرة الأولى في لبنان بشكلٍ رسميّ، عبر رئيس الجمهوريّة الراحل إلياس الهراوي. وعلى الرغم من أنّ القانون حاز على أغلبيّة الأصوات في مجلس الوزراء في العام 1999، تمّ تجميده على إثر ضغوطاتٍ مُورِست على رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وهي الضغوط التي حالت دون توقيع المشروع في ذلك الوقت، بذريعة أنّ "ظروف لبنان لا تسمح بذلك".

وما زالت هذه الظروف تزداد شراسةً مع قوانين أحوالٍ شخصيّة "أكل الدهر" عليها وشرب كأس اللامساواة بين الرجل والمرأة، ومع سياسيّين باعوا قرارهم لرجال الدين. فحاول وزراء الداخليّة، زياد بارود (عبر تشريعه حجب المذهب عن سجلّات القيد)، ومروان شربل (بتمريره تعديلاً على المادّة التاسعة يسمح فيها بتسجيل الزواج المدنيّ في لبنان)، كسر هذا القيد، ولكن عادت هذه المحاولات لتصطدم بأمرٍ واقعٍ العقليات المتحجّرة مع وصول وزير الداخلية نُهاد المشنوق للوزارة. وعرقلة وزارة الداخلية عشرات الزيجات المدنية المعقودة في لبنان، قبل أن يُغلق المشنوق، في خطوة مخالفةٍ للقانون، الباب أمام الراغبين بعقد زواجٍ مدنيٍّ، وقال كلمته الشهيرة يوم ذاك "قبرص قريبة".


لكن لا يبدو أنّ تعنّت المشنوق، وتفرّده بالقرار، قد أوقف عجلة الصراع من أجل الوصول إلى قانون زواجٍ مدنيٍّ في بلدٍ شاع عنه أنّه بلد الحرّيات والانفتاح. فاتّخذت نقابة المحامين، يوم أمس الأوّل، إجراءً مُتقدّماً، وخطوةً جديدةً على طريق الزواج المدنيّ عبر إطلاق مشروع قانون نقابة المحامين في بيروت المتعلّق بالزواج المدنيّ الاختياريّ، المُعَدّ من قِبَلِ لجنة صياغة مشروع قانون الزواج المدنيّ الاختياري (2014-2017) .

وللتعرّف أكثر على تفاصيل هذا المشروع كان لـ"ليبانون ديبايت" حديثٌ مع الرئيسة السابقة للجنةِ التي أعدّت مشروع الزواج المدني، نائبة رئيس اللّجنة الحاليّة المُكلّفة متابعة المشروع المحامية زينا عبيد.

يتميّز هذا المشروع أنّه مؤلّفٌ من 101 مادّة مُوزعة على 8 أبواب، مُستوحى من القوانين (الفرنسيّة والإسبانيّة والتونسيّة)، ومشاريع القوانين السابق طرحها في لبنان، وهو "مشروعٌ حديثٌ ومتطوّرٌ، تمّ تطبيقه على الواقع اللبنانيّ، وأخذنا بعين الاعتبار تطوّرات القوانين اللّبنانيّة الحديثة الصدور مثل قانون العنف الأُسريّ وغيرها"، وفقاً لعبيد.

ومن أهمّ صفات المشروع، كما تسردها المحامية، أنّه "يحترم المساواة بين الرجل والمرأة ويعترف بسلطة الوالدين وليس الأبويّة، كما أنّه قانونٌ إنسانيٌّ يعترف بالتعويضات الزوجيّة والنفقة على الأولاد. مع الأخذ بعين الاعتبار الوساطة الإجباريّة، (أي يُجبر القانون الزوج والزوجة في حال نشوب أيِّ نِزاعٍ عائليٍّ القيام بالوساطة الجبريّة قبل الذهاب إلى المحكمة)، ويكون ذلك لدى وسيطٍ لديه شروطٌ محددةٌ وكفاءةٌ معينة".
علماً أنّ القانون أعطى الصلاحيّة لكاتب العدل لعقد هذا الزواج، مع وجود سجلٍّ خاصٍّ بالأحوال المدنيّة في وزارةِ العدل.

تتأمّل عبيد أن يُبصر هذا المشروع النور، وتعوّل على جديّة العمل وتكامل المحتوى والتفصيل الدقيق الذي بُني عليه، إذ لاحظ كلّ النقاط الجدليّة. وما يُعطيه حظوظاً أوفر أنّه صادرٌ عن نقابة المحامين وهي مؤسّسةٌ لديها شرعية، كما أنّ لجنةً شبابيّةً من طوائف وأحزابٍ عدّة ساهمت بإعداده، وأخذ حيّزاً كبيراً من النقاش قبل صياغته النهائيّة، لا سيّما وأنّه اختياريّ ولا يمسّ بالأحوال الشخصيّة ولا بالزواج الدينيّ، ويُمثّل إطاراً قانونيّاً يمكن أن يلجأ إليه المواطنون داخل لبنان وليس خارجه.

ولكن من هم النواب الذين يمكن أن يحملوا لواء هذا المشروع إلى مجلس النوّاب؟

لُوحِظ خلال حفل إطلاق المشروع حضور النائب غسان مخيبر مُمثّلاً رئيس الجمهورية ميشال عون. وهو النائبٌ الذي عُرف عنه أنّه دائماً ما يكون في مقدّمة المبادرين إلى تبنّي المشاريع الإصلاحيّ’ والتغييريّة في مجلس النوّأب.

وفي اتّصالٍ مع مخيبر أكّد لـ"ليبانون ديبايت" أنّه يُولي الموضوع اهتماماً، وأنّه أكّد لنقيب المحامين أنطونيو الهاشم على أنّه سيكون أوّل الموقعين على المشروع، مُعلناً التزامه وموافقته على تقديمه في مجلس النواب. "ويعود للنقابة اختيار النوّاب الذين تريد التعاون معهم نحو دفع هذا الاقتراح في مجلس النوّاب".

ولفت مخيبر إلى أنّ بعد تقديم اقتراح القانون في المجلس، يتحوّل للجان المُختّصة، تحديداً إلى لجنة الإدارة والعدل. وعن التحدّيات التي يمكن أنْ تُواجه القانون وتحول دون تنفيذه، يقول مخيبر "التحدّي ليس داخل مجلس النوّاب، بل يأتي الضغط عادةً من خارج مجلس النوّاب، من السلطات الدينيّة".
وأشار إلى أنّ المواقف المناوئة لمثل هكذا مشاريع لم تتبدّل و"لكن علينا أن نسعى" لأنّه على مجلس النواب موجّب إصدار قانونٍ مدنيٍّ للأحوال الشخصيّة، ليكون أوّل مِدماكٍ على طريق بناء الدولة المدنيّة التي نعمل من أجلها، فبمعزلٍ عن إمكانيّة النجاح والفشل علينا أن نستمر".

ورأى مخيبر أنّ الأهمّ هو الدفع السياسيّ تجاه بتِّ إقرار مثل هكذا قوانين، فـ"الديناميّة السياسيّة التي ترافق العمل التشريعيّ هي بأهمّية القانون بل تفوقه أحيانا".

فهل سيُبصر قانون الزواج المدنيّ النور في بلدٍ فُصِّل على مقاس زعماء الطوائف وقوانين أحوالها الشخصيّة التي تحمل في طيّات نصوصها عفن التمييز.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر