"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يوم أمس، العرض العسكريّ الذي أقامته قيادة الجيش في جادة شفيق الوزان لمناسبة عيد الاستقلال الرابع والسبعين تحت شعار "بلادك ألبك عطيها"، والى جانبه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري، ليتوجّه بعدها الرؤساء الى القصر الجمهوري في بعبدا، حيث عقدوا خلوة جانبيّة. تلاها تصريح للرئيس الحريري قال فيه: "عرضت استقالتي على الرئيس عون، وقد تمنّى عليّ التريث في تقديمها والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها السياسية، فأبديت تجاوبي مع هذا التمني، آملاً أن يشكّل مدخلاً جديا لحوار مسؤول يجدّد التمسّك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني ويعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب".

الحريري الذي شكر "الرئيس عون على عاطفته النبيلة وحرصه الشديد على حماية الاستقرار واحترام الدستور، والتزام الأصول والأعراف، ورفضه الخروج عنها تحت أي ظرف من الظروف"، أقدم مرّة جديدة على خطوة ستترك الباب مفتوحاً أمام الكثير من الاحتمالات والسيناريوهات، واضعاً "التريّث" عنوان المرحلة القصيرة المُقبلة، قبل اتّخاذ القرار الكبير.

وبعيداً من الاقلام التي بدأت ترسم المشهد السياسيّ المُقبل، والتي تبقى ضمن إطار التوقّعات والتحليلات، يبقى النصّ الدستوري المرجع الوحيد الثابت والواضح وسط كلّ هذا الغموض، الذي طاول ايضاً شكل الحكومة الحاليّ بعد تريّث الحريري في تقديم استقالته، في الوقت الذي اختلفت فيه الآراء السياسيّة بين اعتبارها قائمة وقادرة على الاجتماع واتخاذ القرارات ام انها لا تزال في خانة تصريف الاعمال؟!

الخبير الدستوري والقانوني انطوان سعد أكّد في اتّصال مع "ليبانون ديبايت"، أنّنا "اليوم أمام حكومة تصريف أعمال، مُهمّتها تسيير الامور الاداريّة العادية والشؤون اليوميّة التي لا يتطلّب اجرائها اتّخاذ اي قرار سياسيّ. وبالتالي، فإنّ تصريف الاعمال يكون في النطاق والإطار الضيّق، الذي يحتّم ألا تُرتّب اعمال الحكومة وقراراتها السياسيّة مسؤوليّة سياسيّة أمام البرلمان، أو تعرّضها للمساءلة منه لأنها غير قائمة، ولا يُمكن لمجلس الوزراء ان ينعقد في ظلّ حكومة تصريف الاعمال".

وأضاف سعد أنّ "حكومة تصريف الاعمال لا يُمكنها كذلك أن تتخّذ اي قرار من شأنه أن يُرتّب عليها مسؤوليّة اداريّة امام مجلس شورى الدولة. من هنا ضرورة التقيّد بالمفهوم الضيّق من دون تخطّيه". وشدد في الوقت نفسه على أنّ "مجلس الوزراء لن يجتمع قبل حلّ المسائل الخلافيّة العضويّة والجوهريّة التي نجمت عنها استقالة الحريري، والتي من خلالها فقط تستعيد الحكومة عافيتها وكيانها وحضورها الدستوري".