"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يُقابل إسراع العمل بتشكيل الحكومة سرٌ يترافق مع سؤال يطرح، لماذا هذا الإسراع في بلد عُهِدَ فيه ان لا تتشكّل الحكومات إلّا بعد ولادات قيصريّة تأتي على اطلال تدخّلات إقليميّة ودوليّة وتنازلات محليّة بعد شهورٍ وشهور؟

قد نَبلغ الحلم حين نركن في سؤالنا إلى مصادر دبلوماسيّة تأخذ لنفسها حقوق الإجابة الحصريّة، فتقوم بوضعها ضمن شقّين، الأوّل يرتبط بالعهود المقطوعة في المؤتمرات الدوليّة والنيّة في قطف ثمارها سريعاً، وشق آخر يأتي كاستباق لإجراءات أوسع قد تُتَخذ أميركياً من بوابة العقوبات.

ما يرتكز عليه الدبلوماسيون، ويغدو كونه أكثر الأسباب تشريعاً للمهمّة، يكمن في ظنّهم أن عدم تأخير التأليف يعود إلى الاسراع في إطلاق الافادة من نتائج المؤتمرات الدوليّة الخاصة بلبنان، وسيدر بالذات، الذي لا يريد له السياسيون أن يرزحَ تحت طول أمد التأليف ممّا يزعج الجهات المانحة المتمثّلة فيه، ويطيّر الوعود المقطوعة، سيما وان من حضرَ خلاله من دول ومؤسّسات، رَبَطَ تقديم الدعم لا بلّ حصره باستتباب الامور السياسيّة، ومن ضمنها -بحسب الدبلوماسيين- تشكيل الحكومة.

أي أن سيدر واخواته سيشكّلون عملة ضامنة لإنتاج توليفيه حكوميّة سريعة. ماذا عن المطالب والمطالب المضادة التي يدور النقاش حولها حالياً؟ لا يخفي الدبلوماسيون اعتقادهم أن ما يُطرح اليوم هو من ضرورات المفاوضات التي تُستغل في تعزيز المواقع، لكن في نهاية المطاف سيركن الجميع إلى نقطة عقلانيّة واحدة، هي التزام الاحجام والمصالح، وتبعاً الضغوطات الدوليّة.

واستناداً على ذلك، تنطلق المصادر من الواقعيّة ذاتها باتجاه الاعتقاد أن الحكومة ستبلغ مراد التشكيل في حدود عيد الفطر السعيد كما يُروّج وكما سبقَ وأسلف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وفي هذا الترويج وضعٌ للمسؤوليات، وظرفَ تحقيقها منوطٌ بالجميع.

وقد يكون هذا الموعد من باب التحفيز، لكن المصادر تؤكّد وجود إشارات وأجواء توحي بإمكانيّة ولادة التشكيلة من ضمن هذه الفترة، وحماستها للتأكيد نابعة من الأجواء السياسيّة السائدة حالياً، والدفع المعنوي الإيجابي الذي يقدّمه رئيس الجمهوريّة وحلفائه.

كذلك ثمّة إيجابيات تسرّع في عمليّة التأليف مردوده على الاتفاق المسبق بين الأطراف السياسيّة والمستند إلى التسوية الرئاسيّة السابقة، التي وعلى ما يبدو سينفخ فيها وستكون قاعدة انتاج نفس الطبعة من البيان الوزاري تقريباً، شكلاً ومضموناً، بالإضافة إلى ترجمة ذات الاوزان داخل الحكومة مع تعديل طفيف يطرأ ولو أنه محدود.

أما الأمر الثاني الذي وفي ضوئه ستتسرّع عمليّة التأليف، يكمن في التحذيرات التي أشاعها بعض الدبلوماسيين إلى دوائر سياسيّة محليّة محدّدة قوامها معلومات حول توفّر ظروف ضغوطات ستطال القطاع المصرفي اللبناني وقد تنسحب على البيئة الشعبية المتصلة بحزب الله، والتعامل معها يجب أن يأتي في ظل وجود حكومة صريحة تستلم صلاحيات كاملة لا حكومة تصريف أعمال، وهذه الحكومة ستجد نفسها مضطرّةً إلى التعامل مع النشاط الأميركي المستجد.

وينقل الدبلوماسيون، أن حزب الله سيستفيد حكماً من وجوده في الحكومة في ظل هذه الاوضاع، لذا سيكون وجوده عاملاً معزّزاً لدور الدولة في كيفيّة إيجاد الترياق المُناسب لتصريف العقوبات، كما وأنه سيكون عاملاً مشجّعاً لسرعة التأليف، وهذا الوضع يجري تناقله عبر ألسِنة سياسيين.