"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بدأت الكتل النيابيّة الصغيرة التي تتألّف من 3 نواب اتصالات تستهدف بها بعض النوّاب المستقلّين من أجل حثّهم على الانضمام اليها لقاء اغراءات تنحصر بين جدران ساحة النجمة.

وتأتي خطوات هذه الكُتل من أجل شدّ اوزارها ورفع قدراتها ورفدها بقوّة مجلسيّه تسمح لها بتعزيز شروط التفاوض لنيل حقيبة وزاريّة بعدما وضع معيار الدخول إلى الحكومة بشرط تألّف أي كتلة من 4 نوّاب.

لكن الامر ليس سهلاً، فجزءٌ يسير من النوّاب المستقلّين الذين فاز معظمهم من ضمن تحالفاتٍ حزبيّة، يفضّلون البقاء على استقلاليّتهم والتعامل مع الملفّات المطروحة "على القطعة" أي بما يتناسب وآرائهم، محافظين على مسافة واحدة مع جميع الكُتل.

لذا تسعى كُتل لادراج اغراءات تستفيد منها في عوامل الجذب، كالاتفاق مع أي نائب مستقلّ للانضمام إلى الكتلة في الاستحقاقات الكبرى كتشكيل الوزارة مثلاً، على أن يجري احترام خياراته وحريّته ومراعاة تأييد ما يتناسب واستقلاليّته في المواضيع الأخرى، ما يعني أن الغاية من الضم هي مصلحيّة في الدرجة الأولى.

وتدلّل الاغراءات حول توفير جانب من تقاطع المصالح بين الكتلة والنائب المستقبل بحال عقد الاتفاق بينهما، ومن ضمنها دعم الكتلة لاقتراحات نائب مستقل والوقف إلى جانبه في دعم اقتراحات قوانين وما شاكل مقابل منح صوته لها.

وبينما تعاني كتلاً من إمكانيّة ضم أحد النوّاب المستقلّين اليها، تتمتّع أخرى محسوبة على أحزاب متحالفة ضمن 8 آذار السابق بأريحيّة، شأنها شأن الكُتل الكبيرة المحسوبة على هذا الفريق.

فعلى سبيل المثال، تضمّ كتلة التنمية والتحرير 17 نائباً. وإذا ما اخذنا مقياس التوزير بوزير لكل 4 نوّاب، يصبح عندئذٍ أن حركة أمل تنال 4 مقاعد مأخوذة عن تمثيل 16 نائباً، لذا يبقى النائب رقم 17 حراً.

الخيار الواضح لدى الكتلة أن تقوم بإعارة النائب رقم 17 إلى إحدى الكُتل الحليفة، والمطروح هو كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي التي تضم 3 نواب (أرثوذكسيان وكاثوليكي). الخيار المطروح أن ينضم اليها النائب قاسم هاشم المحسوب على حزب البعث العربي الاشتراكي، ليعطي الكتلة علامة كاملة.

وهي ليست المرة الأولى التي تقوم كتلة الرئيس نبيه برّي بإعارة القوميين نائباً. ففي المرة الماضية، أحال الرئيس برّي النائب هاشم يرافقه النائب السابق عاصم قانصوه إلى الكتلة القوميّة، فرفع قدرتها من نائبين إلى 4 ما فسح في المجال امامها للتمثّل على طاولة الحوار بمقعد ثابت.

كتلة الرئيس برّي ليست الوحيدة، فالتيّار الوطني الحرّ أدى نفس الدور بتجييره 3 نواب لمصلحة النائب طلال أرسلان الذي شكلّ منهم كتلة سمّاها "ضمانة الجبل" ما سهّل له تأمين الشرط المطلوب للتوزير بصرف النظر عن القبول به أم لا.

لكن الاختلاف بين تجيير برّي وتجيير التيّار يتغير من حيث الممارسة، فبينما كتلة برّي اعارت القوميين نائباً بكل ما يملك من صلاحيّات، أخذ التيّار خياراً بتجيير "نصف نواب" إلى أرسلان، بحيث لا زال النواب الثلاثة يتمتّعون بعضويّة كاملة في تكتّل "لبنان القوي" يودينون بالولاء له، بل يشاركون إلى جانبه في الاستحقاقات بمعزل عن انضمامهم للكتلة.

النموذج أعلاه لا ينطبق والتكتّل الوطني الشامل الذي لم يلجأ اركانه لأسلوب اعارة النواب بل قرّروا الذهاب في تفاهمات سياسيّة قادت إلى ولادة تكتّل بالانتساب وليس بالإعارة، قام على أساس توحّد كتل مؤلّفة من نائبين مع كتلة مؤلفة من ثلاث نواب (كتلة المرّدة)، مما أسهمَ في تعزيز دورهم وانضوائهم تحت خيارات سياسيّة عززت من قدرتهم على تحقيق الأهداف المشتركة.

وحدها كتلة حزب الكتائب المؤلّفة من 3 نواب لا زالت تعاني الامرين كي تؤمن الراكب رقم 4. وفي المعلومات، أن الكتائب فتحت اتصالات مع نواب مستقلّين "يشبهونها" وفاتحت بعضهم من أجل بلوغ أمل التوزير من ضمن المعيار، لكن الأوساط لا تعطي ارجحيّة لنجاح مساع الصيفي من عدمها.

كذلك ترى المصادر صعوبة في تأمين الكتائب لنائب إعارة من كتلة حليفة كتكتّل الجمهوريّة القويّة مثلاً الغير مستعد للتخلّي عن أي نائب بظل صراعه على الاحجام مع التيّار الوطني الحرّ.