"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

تهديدات واتهامات وأسلحة وشكاوى واعتراضات، هذه هي حال بلدة المغيري في قضاء جبيل بسبب انشاء مدافن جديدة للبلدة تضاف على تلك القديمة. انقسم أهالي البلدة الى طرفين، المطالبون بضرورة توسيع المدافن، والمعترضون على اقامة مدافن غير مستوفية للشروط، بحسب وصفهم. بلبلة زجّت في صفوفها معظم مرجعيات المغيري، من رئيسة البلدية الى المختار وخوري الرعية واهالي البلدة والمحامين والقضاء والقوى الأمنية... فما الذي جرى بين ليلة وضحاها؟

الرواية بحسب ما نقلها وكيل الأهالي المعترضين على انشاء المدافن الجديدة المحامي أنطوان أبو أنطون لـ"ليبانون ديبايت" تشير الى ان القصة بدأت مع اقتراح اضافة حوالي 58 مدفناً على تلك القديمة. ما أثار امتعاض السكان المجاورين للمدافن خصوصا لما تخالف هذه الاضافة من احكام قوانين وشروط وزارتي الصحة والبيئة وتحديداً دائرة حماية البيئة السكنية. ويُفترض ان تكون المدافن في مواقع جافة وعلى بعد 200 متر من أقرب سكن وبعيدا عن مصادر المياه.

وأكد أبو انطون ان المدافن تبعد 40 مترا عن أقرب منزل سكني، وهي موجودة ضمن أرض منحدرة يحيطها مجاري شتوية تصلح للرّي. لهذه الأسباب تقدّم قسم من أهالي القرية المتضررين من المدافن باعتراض أمام رئيس مصلحة البيئة السكنية ومحافظ جبل لبنان. وأصدرت وزارة البيئة بعد الكشف على المكان قراراً يقضي بمنع انشاء المدافن الجديدة، كما رفضت بلدية المنطقة اعطاء التراخيص اللازمة للمباشرة بإضافة المدافن.

بين ليلة وضحاها، استفاق أهالي المنطقة على اضافة عدد من المدافن الجديدة. وعلى ذمّة الراوي، فان العملية تمّت ليلا، تحت وطأة التهديد، اذ دخل عدد من المسلحين برفقة وجهاء من القرية الى المنازل المجاورة للمدافن، وقام المسلحون بمصادرة هواتف الأهالي حتى يمنعوا عنهم الاتصالات، في الوقت الذي تُفرغ فيه الشاحنات حمولتها من المدافن الجديدة وعددها 42 مدفناً "Préfabriqué".

لم يلتزم المتضررون الصمت، وعمدوا في اليوم التالي الى تقديم شكوى بحق المعتدين وتسميتهم. الّا انه وبسحر ساحر، تم اغلاق الملف بعد تدخل بعض الجهات. وعندما أصر الأهالي على اثارة بلبلة لمحاسبة المعتدين اعيد فتح الملف بانتظار ازالة المدافن المخالفة. لم يلجأ المحامي الى القضاء بعد، منتظرا حلول المرجعيات الدينية لهذه القضية.

في الجهة المقابلة، نفى مختار بلدة المغيري نبيل الخوري لـ"ليبانون ديبايت" اي اعتداء مسلح أو ما شابه ذلك. وأكد ان أهالي المنطقة هم من طالبوا بإنشاء مدافن جديدة لأن القديمة لم تعد صالحة ولا تتسع لتوابيت اضافية. والمعترضون لا يشكلون 10% من أهالي البلدة، ويقتصر عددهم على 3 أو 4 منازل مجاورة لمكان المدافن.

وصف الخوري المعترضين بأنهم "مدعين كونهم متضررين، لأن المدافن عمرها أكثر من 150 سنة في المنطقة. وهناك من لا يزال ينشئ مباني على المقربة منها". وأوضح انه "تمت إضافة 20 مدفناً فقط، بطرق حديثة ولا تتسبب بأية روائح مزعجة أو أي ضرر. بل على العكس المدافن القديمة هي التي تمنعنا من دفن موتانا بشكل لائق". وأضاف "مدافن مليانة أفاعي وجرادين وفي كل مرة تمطر تخترقها المياه، ولا مكان لدفن الموتى".

اكتفى المختار بهذا الرد، رافضا الغوص بقضية التراخيص او الشروط او القرارات أو الاعتراضات، مشيرا الى ان المعني في القضية هو راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون. تواصل "ليبانون ديبايت" مع المطرانية للوقوف عند دورها. أمين سر مطرانية جبيل المارونية الأب جوزف زيادة أوضح ان المطران حاول قدر الامكان التواصل مع جميع المعنيين في هذه القضية للتوصل الى الحل الأنسب.

ورأى زيادة ان ما عرضه البعض غير محق، لذا تم اتخاذ القرار بإنشاء المدافن، نظرا لضرورة اضافتها. ورفض اعتبارها مخالفة لأن العقار نفسه الذي اضيف اليه 20 مدفناً يحتوي على مدافن عمرها عقود. أما في ما يتعلّق بالترخيص اللازم، أشار الأب الى ان "العمل جار للحصول على التراخيص اللازمة، ولكن ثمة من يُعرقل هذا الموضوع".

اسف امين سر المطرانية لما أحدثه الموضوع من بلبلة، وطلب من المعترضين الذين لا يشكلون أكثر من 10% من أهالي البلدة ايجاد حل بديل عوضا عن القاء الاتهامات وإغلاق نوافذ المناقشة بغية التخلص من مدافن وضعها يرثى له وباتت غير صالحة لوضع الموتى فيها ولا مؤهلة، كما ان عدد التوابيت فيها فاق مساحاتها.